الجمعة، 15 يناير 2016

ضعف حديث "أول من يغيّر سنتي رجل من بني أمية"

"أول من يغير سنتي رجل من بني أمية"

 

قال ابن أبي عاصم في الأوائل : 63 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّه بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا عَوْفٌ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَوَّلُ مَنْ يُغَيِّرُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ»

 

فيه علتان 

 

العلة الأولى :

قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1191: سَألتُ أَبي عن مهاجر أبي مخلد مولى البكرات، فقال: لين الحديث، ليس بذاك، وليس بالمتين، شيخ يُكتَبُ حديثُهُ.

 

قال ابن عدي في الكامل : حَدَّثَنَا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنا أَبُو هِشَام المخزومي، قَال: كَانَ وهيب يعيب المهاجر يَقُول لا يحفظ.

وقال بعد أن استنكر عليه أحاديثا  : والمهاجر أَبُو مخلد إنما عرف بهذه الأحاديث الَّتِي ذكرتها وليس لَهُ غيرها إلاَّ الشيء اليسير.اهـ

 

 

العلة الثانية : 

الانقطاع بين أبي العالية وأبي ذر رضي الله عنه

 

قال الدوري في تاريخه 3467 : قلت ليحيى بن مَعين: سمع أَبو العالية من أبي ذر؟ قال: لا، إنما يروي أَبو العالية عن أبي مسلم، عن أبي ذر. 

قال البيهقي في دلائل النبوة بعد أن رواه : وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ إِرْسَالٌ بَيْنَ أَبِي الْعَالِيَةِ وَأَبِي ذَرٍّ.اهـ

 

ورواه ابن أبي شيبة 37027: حدثنا هوذة بن خليفة ، عن عوف ، عن أبي خلدة ، عن أبي العالية ، عن أبي ذر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية.

 

ورواه من طريق ابن أبي شيبة ابن عدي في الكامل في ترجمة أبي العالية (4/97) قال : أخبرنا أبو العلاء الكوفي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا هوذة بن خليفة، عن أبي خلدة، عن أبي العالية، عن أبي ذر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن أول ما يبدل سنتي رجل من بني أمية وفي بعض الأخبار مفسرا زاد، يقال له: يزيد.اهـ

 

وقال ابن طاهر المقدسي في ذخيرة الحفاظ : حديث: إن أول من يبدل سنتى رجل من بني أمية، وفي بعض الأخبار مفسرا يقال له: يزيد. رواه أبوالعالية الرياحي رفيع بن مهران: عن أبي ذر. ورواه هوذة بن خليفة: عن أبى خلدة، عن أبى العالية، عن أبى ذر. لم يذكر (أي ابن عدي) عليه كلاما. وأورده في ذكر أبي العالية، وكأنه استنكره، فذكره.

 

 

ورواه البخاري في الأوسط 137: حدثني محمد ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن المهاجرين أبي مخلد ثنا أبو العالية قال وحدثني أبو مسلم قال كان أبو ذر بالشام وعليها يزيد بن أبي سفيان فغزا الناس فغنموا والمعروف أن أبا ذر كان بالشام زمن عثمان وعليها معاوية ومات يزيد في زمن عمر ولا يعرف لأبي ذر قدوم الشام زمن عمر رضي الله عنه.

 

فالبخاري أعلّ الحديث هنا بمناقضته الواقع التاريخي الذي ينفي وجود أبي ذر في الشام زمن الحادثة المذكورة في الحديث.

فقد جاء في روايات متعددة أن أبا ذر رضي الله عنه انتقل من المدينة إلي الشام في خلافة عثمان رضي الله عنه، حين كان معاوية رضي الله عنه أميرًا عليها .

انظر: الطبقات الكبرى (4/ 226)، المستدرك للحاكم (3/ 387) ح 5468، تاريخ دمشق (66/ 198)، سير أعلام النبلاء (2/ 63)، فتح الباري (3/ 274).

النقل عن البخاري وما بعده مستفاد من بحث بعنوان: الأحاديث التي أعل الإمام البخاري متونها بالتناقض

 

 

وقال نعيم في الفتن : 817 - حدثنا أبو المغيرة عن هشام بن الغاز عن مكحول عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يزال هذا الأمر قائما بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية .

علته الانقطاع بين مكحول وأبي عبيدة رضي الله عنه

قال ابن أبي حاتم رحمه الله في المراسيل : 797 - قَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَكْحُولُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ مُرْسِلٌ .

 

وقال نعيم  في الفتن 818 - حدثنا بقية بن الوليد عن الوليد بن محمد بن يزيد سمع محمد بن زيد سمع محمد بن علي يقول : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ليفتقن رجل من ولد أبي سفيان في الإسلام فتقا لا يسده شيء .

 

فيه ثلاث علل :

 

العلة الأولى :

فيه بقية بن الوليد وهو شديد التدليس وقد عنعن .

 

العلة الثانية :

الانقطاع بين النبي صلى الله عليه وسلم ومحمد بن علي .

 

العلة الثالثة:

شيخ بقية: الوليد بن محمد بن زيد مجهول ووالده كذلك.

 

إذاً الحديث ضعيف ولا يصح منه طريق

 

وقد رأيت الكثير من أهل الأهواء يستخدمه في الطعن في خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه , فها قد بان ضعفه وسقوط ما استدلوا عليه به . فالحمد لله ربّ العالمين


وهو في السلسلة الصحيحة (1749)

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد.


ربيع الآخر: /١٤٣٧/٤/٦ ھ 


الاثنين، 4 يناير 2016

التنبيه على أخطاء عقدية في تدريب الراوي للسيوطي2

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد

 

قال السيوطي في تدريب الراوي : وَأَصْلُ الْمَحَبَّةِ الْمَيْلُ، وَهِيَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تَمْكِينُهُ لِعَبْدِهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَالْعِصْمَةِ، وَتَهْيِئَةُ أَسْبَابِ الْقُرْبِ، وَإِفَاضَةُ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِ، وَكَشْفُ الْحُجُبِ عَنْ قَلْبِهِ .

 

قلت : وهذا تأويل صريح وتعطيل لصفة المحبة الثابتة في الكتاب والسنة وإجماع السلف

 

قال تعالى "(يحبهم) ويحبونه" أي أنه يحب هؤلاء المؤمنين وهميحبونه , وقال "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" وقال "إن الله يحب المتقين" .

وروى البخاري في الصحيح بإسناده  : 3209 – عن أبي هريرةعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ.

 

وروى مسلم بإسناده عن عامر بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي .

 

وروى هناد في الزهد بإسناده 478- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: "سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا" قَالَ يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ .

 

وقال ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى ( : فإن الكتاب والسنة واجماع المسلمين أثبتت محبة الله لعباده المؤمنين ومحبتهم له كقوله تعالى والذين آمنوا أشد حبا لله وقوله "يحبهم ويحبونه" وقوله "أحب إليكم من الله ورسوله" وقوله ن الله يحب المتقين" , "يحب المحسنين" , "يحب التوابين ويحب المتطهرين" , "يحب المقسطين" ... .

(( وقد أجمع سلف الأمة وأئمتها على إثبات محبة الله تعالى لعباده المؤمنين ومحبتهم له وهذا أصل دين الخليل إمام الحنفاء عليه السلام )).

وأول من أظهر ذلك فى الإسلام الجعد بن درهم فضحى به خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى بواسط وقال أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه .اهـ

 

وسبب عدم إثبات الأشاعرة لصفة المحبة أنهم يفسرونها بأنها ميل القلب إلى شيء .

فيدعون أنهم لو أثبتوها صفة لله لوقعوا في التشبيه .

 

وأما أهل السنة فيقولون كما قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله : هذه الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفات والرؤية حق نؤمن بها (( ولا نفسرها إلا ما فسر لنا من فوق )) .

 

فنؤمن بها حقيقة دون تأويل , والأشاعرة أنفسهم يثبتون صفة الإرادة  على طريقتهم في الإثبات  والإرادة أيضا ميل النفس لشيء تحبه !!

فلماذا لا يثبتون المحبة أيضا لأن لها نفس التفسير لو فسرنا - ؟ أو ينفون الجميع فيطردون مذهبهم ويسلمون من بعض الشنعة والعار والتناقض !.

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

 

24 ربيع الأول 1437