الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

بين الشيخ عبدالله السعد وبعض متأخري أهل الحديث

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

أما بعد

فقد قرأت كتاب "المفصل في شرح الموقظة" للشيخ عبدالله السعد واستفدت منه كثيرا , ولاحظت أثناء قراءتي أن الشيخ سدده الله كثيرا ما ينتقد طريقة المتأخرين في تعاطيهم مع علم العلل والحكم على الأحاديث , وقد جمعت في هذه الورقات انتقاداته لبعض أهل الحديث المتأخرين والمعاصرين من أجل المباحثة والفائدة عسى الله أن يفتح على قارئ المقال ما لم يفتحه على صاحبه ..

واعتمدت ترتيبهم كما قد ساقهم في الشرح , 

1- السيوطي 

قال الشيخ ص62 : فالسيوطي مثلا لا شك أن ما يصححه أو يحسنه من الأخبار فيه نظر , فقد يكون الحديث ضعيفا وتجده يقول : هو متواتر ! , وقد يكون الحديث باطلا وتجده يقول : هو صحيح ! , وقد وقع له ذلك لأنه لم يسِر على طريقة الأئمة المتقدمين , ولم يتنبه إلى منهجهم في التصحيح والتضعيف أو التعديل والتجريح , لذا فإنه يتوسع في تقوية الأخبار الضعيفة , فيعمد أحيانا إلى الإسناد الساقط في إسناده متروك- فيقوي به الخبر , فقد أتى له هذا الضعف من هذه الجهة .اهـ

وقال ص221 : لكن البعض مثل السيوطي كان مما يرد به في (اللآلئ المصنوعة) على ابن الجوزي في (الموضوعات) أنه يرد عليه بتقوية الأخبار من حيث إن هذا الخبر يشهد له هذا اللفظ , وهذه الجملة يشهد لها هذا اللفظ , وبهذا يصبح الخبر قويا , فهذا الذي استعمله السيوطي منهج ليس بصحيح .اهـ

2- النووي

قال ص63 : وهذا أبو زكريا النووي كان من كبر أهل العلم في زمانه , لكن تجد في بعض تصحيحاته ضعفا ونظرا , وذلك لأنه لا ينتبه إلى مسألة الشذوذ والعلة التي كان كبار الحفاظ ينتبهون لها , وهو يرجح دائما أن الخبر إذا وقع في إسناده خلاف في وصله وإرساله , يقول : إذا وصله ثقة لا يضره من خالفه وإن كان أكثر منه وأوثق ! , ولا شك أن هذا خطأ فإن الأكثر والأوثق هو المقدم .اهـ

, 4- السبكي وابن حجر :

قال ص81 : بل إن المعاصرين في زمن واحد يحصل بينهم اختلاف في المنهج , فمنهج شمس الدين ابن عبدالهادي يختلف كثيرا عن منهج تقي الدين السبكي كما يظهر هذا لمن نظر وقارن بين كتاب (الصارم المنكي) وكتاب (شفاء السقام) , وقد بينت ذلك في كلامي على حديث ابن عمر في شدّ الرحال , وكذلك عندما يقارن بين أحكام ابن عبدالهادي في كتابه (المحرر) وبين أحكام ابن حجر في (البلوغ) .اهـ يعني أن منهج ابن عبدالهادي الحنبلي أقوى من منهجهم وأشبه بمنهج السلف

5- ابن حزم 

قال ص135 : فتبين من هذه النقول أن أبا محمد ابن حزم لا يشترط في صحة الخبر ألا يكون شاذا ولا معللا , ولذا قد عاب فيما نقلته عنه- على المحدثين في تعليلهم للأخبار بالشذوذ أو الاختلاف , فهو يحكم على ظاهر الإسناد فحسب , فلو أن ثقة رفع الحديث أو وصله وخالفه من هو أوثق منه ولو كان جماعة- لحكم له ولم يحكم لهم , وهذا خلاف ما اشترطه المحدثون كما هو معلوم .اهـ

6- الحاكم أبو عبدالله

قال ص179 : فما يصححه على شرط البخاري ومسلم فيه نظر , فإن الأصح والأرجح ألا يحكم الواحد على حديث بأنه على شرط البخاري ومسلم وإن كان رجال إسناده هم رجال البخاري ومسلم ؛ والذي يدعونا إلى المنع من ذلك : هو أن الذي يحكم على حديث ما بأنه على شرط الشيخين جعل منزلته بمنزلة البخاري ومسلم ! , فليس كون الرجل قد خرّج له البخاري أو مسلم يقتضي أنه على شرطهما , لأنهما كثيرا ما يخرّجان للرجل مع اعتبار صفة معينة عن شيخه , ثم إنهما ينتقيان ما استقام من حديثه , خلافا لطريقة الحاكم في اعتباره كل رجل خرّجا له يكون حديثه على شرطهما و ولذل كثر ما يُنتقد على الحاكم .اهـ

وقال ص525 : وتصحيح الحاكم غالبا- لا يحتج به لأنه كثيرا ما يصحح الأحاديث على شرط الشيخين وهي باطلة , أو على شرط البخاري أو مسلم , وهيضعيفة ليست بصحيحة ! .اهـ

7 , 8- الشيخ الألباني والأرناؤوط 

قال ص223 : وكثير من المتأخرين لا ينتبه لهذا , فمثلا : الشيخ ناصر الدين الألباني والأرناؤوط وغيرهما ممن يسير على منهجهم وطريقتهم ينظرون في الأسانيد : هذا إسناد , وهذا إسناد , هذا ضعيف , وهذا ضعيف , ويغفلون عن أن هذه الأحاديث لها أصول صحيحة لم يأت فيها هذا الشيء , فلذلك تكون منكرة شاذة مردودة , ولا تصح أصلا بل باطلة , فهم يغفلون عن هذا الجانب .اهـ يعني أنه يجب أن يلاحظ إذا جاء حديث صحيح , وثم جاء حديث فيه ضعف بنفس متن الأول وزاد عليه , أن الزيادة لا تكون صحيحة بل شاذة 

9 , 10- أبو يعقوب الجوزجاني وابن حبان

قال ص459 : أما التفريق بين التحديث بما يؤيد بدعته فإنه لا يقبل وإذا لم يحدث بما يؤيد بدعته فإنه يقبل فممن قال هذا القول وشهره وتلقاه عنه المتأخرون : أبو يعقوب الجوزجاني ؛ وكان عنده شيء من النصب , فتكلم في جمع من أهل الكوفة وبعضهم من أساطين الرواية كالأعمش وأبي إسحاق , تكلم فيهم وكاد يردّ حديثهم , لكن قال : صادقون وضابطون لما حدثوا به .
فقال هذا القول وأخذه عنه جماعة من المتأخرين و وذهب ابن حبان إلى ما هو أعم من ذلك , فيردّ حديث الداعية ويقبل غير الداعية , لذا تراه في بعض الأحيان يضعف بعض الرواة الذين وصفوا بأنهم دعاة إلى بدعتهم كحريز بن عثمان الرحبي حيث ذكره في المجروحين , ونص على أنه كان داعية إلى بدعته وهي النصب , وهو ثقة مشهور .اهـ 

11- أبو الحسن علي بن القطان الفاسي 

قال ص527 : ... الراوي إذا لم يشتهر , ولكن روى بعض الأحاديث المستقيمة , فقد انقسم فيه أهل العلم على ثلاثة أقوال : ... الثاني : ردّ حديثه وأنه لا يقبل , وقد ذهب بعض المتأخرين وخصوصا أبا الحسن علي بن عبدالملك بن القطان الفاسي المتوفى سنة ثمان وعشرين وستمئة , فقد كان يرد حديث الراوي ولا يتوقف في رده , وهو في الغالب يصحح على ظاهر الإسناد , ولا يهتم بمسألة العلل والشذوذ والنكارة , على تشدد منه أحيانا في بعض الثقات المشاهير , كما تشدد في هشام بن عروة وغيره .اهـ وذكر الشيخ أن الصحيح قبول حديث من لم يشتهر وكانت أحاديثه مستقيمة 

هذا ما وقفت عليه من انتقادات الشيخ سدده الله .

وممن انتقدهم وليس لهم علاقة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الغزالي , فقال عند حديثه عن مسألة ملاحظة نكارة المتون ص27 : لكن ينبغي أن يتنبه إلى أمر : وهو أن الذي يفعل ذلك إنما هو العالم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وليس أهل الأهواء والبدع الذين يردون كل ما يخالف عقولهم كالمعتزلة ومن سار على منهجهم في هذا العصر كمحمد الغزالي , فلا شك أن هذا أمر باطل وليس بصحيح .اهـ

والترابي , فقال ص152 : فليس المقصود أن كل خبر يخالف العقل الناقص لبعض الناس يكون مردودا مثل ما يفعله محمد الغزالي وحسن الترابي وأمثالهما , فليس المقصود هذا , وإنما المقصود بذلك أن يكون هذا الخبر غير مخالف لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وغير مخالف للعقل السليم وللفطرة المستقيمة , فلا يكون مما يستحيل في العقل قبوله .اهـ

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله خيرا .. فوائد سمينة
    وأنصحك شيخنا بقراءة (المنهج المقترح) و (شرح الموقظة)
    لمؤلفهما : حاتم العوني -هداه الله وأصلح قلبه-
    ففيهما تحريرات نفيسة عن منهج المتقدمين والمتأخرين .

    ردحذف