الجمعة، 26 فبراير 2016

تبرئة الإمام ابن تيمية -رحمه الله- من مقالة ارجائية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه 

 

أما بعد

 

فهذه الحلقة الثالثة من سلسلة مقالات تبرئة الأئمة مما نسب إليهم من عقائد المرجئة .

 

ومن الأئمة الذين طالتهم يد الافتراء والتقول ونسبت إليهم هذه العقائد الباطلة : ابن تيمية رحمه الله حيث قيل : إن ابن تيمية لا يكفر تارك أعمال الجوارح بالكلية !!

 

وهذا أمر غاية في العجب إذ أن لهذا الإمام مصنفان كبيران مشهوران -ولا أظن مكتبة طالب علم تخلو من أحدهما- يزخران بالردود على مثل هذه المقالة الفائلة وبيان بطلانها وهما : الإيمان الكبير والإيمان الأوسط (وهما موجودان في المجلد السابع من مجموع الفتاوى)

 

وسآتي إن شاء الله بنقول من هذين الكتابين تدحض هذه الفرية وتبين بطلانها سالكا بذلك مسلك الاختصار إذ أن من يملك زمام عقله يكفيه من القلادة ما أحاط بعنقه  

 

فأولا : جزمه بأن أعمال الجوارح لابد منها في الإيمان

 

قال كما في مجموع الفتاوى (7/ 127-128) : وكل إيمان مطلق في القرآن فقد يبين فيه أنه لا يكون الرجل مؤمناً إلا بالعمل مع التصديق ) فقد بين في القرآن أن الإيمان لابد فيه من عمل مع التصديق كما ذكر مثل ذلك في اسم الصلاة والزكاة والصيام والحج .

 

وقال (7/142) : وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} فَنَفَى الْإِيمَانَ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَى بِالْقَوْلِ. وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} وَقَالَ: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} . ( فَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ نَفْيِ الْإِيمَانِ عَمَّنْ لَمْ يَأْتِ بِالْعَمَلِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ ).

 

وقال (7/160) : وَمِمَّا يَدُلُّ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ الْمُطْلَقَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْأَعْمَالِ قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} فَنَفَى الْإِيمَانَ عَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ فَمَنْ كَانَ إذَا ذَكَرَ بِالْقُرْآنِ لَا يَفْعَلُ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ السُّجُودِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ .

 

ثانياً : نقل الإجماع على أن العمل ركن 

 

قال (7/309) : وَلِهَذَا كَانَ الْقَوْلُ: إنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ (( مِنْ شَعَائِرِ السُّنَّةِ )) وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي " الْأُمِّ ": وَكَانَ الْإِجْمَاعُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَنْ أَدْرَكْنَاهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَّا بِالْآخَرِ ؛ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ - فِي " مَنَاقِبِهِ " -: سَمِعْت حَرْمَلَةَ يَقُولُ: اجْتَمَعَ حَفْصٌ الْفَرْدُ وَمَصْلَانِ الإباضي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي دَارِ الجروي فَتَنَاظَرَا مَعَهُ فِي الْإِيمَانِ فَاحْتَجَّ مَصْلَانِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَخَالَفَهُ حَفْصٌ الْفَرْدُ فَحَمِيَ الشَّافِعِيُّ وَتَقَلَّدَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَطَحَنَ حَفْصًا الْفَرْدَ وَقَطَعَهُ.

 

تأمل أخي القارئ قوله (( من شعائر السنة ))

 

ثم قال بعدها : وَرَوَى أَبُو عَمْرٍو الطلمنكي بِإِسْنَادِهِ الْمَعْرُوفِ عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ الْحَمَّالِ قَالَ: أَمْلَى عَلَيْنَا إسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْنَا وَإِنَّمَا عَقَلْنَا هَذَا بِالرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالْآثَارِ الْعَامَّةِ الْمُحْكَمَةِ؛ وَآحَادِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَهَلُمَّ جَرًّا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ بَعْدَ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (( عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ )) وَكَذَلِكَ فِي عَهْدِ الأوزاعي بِالشَّامِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِالْعِرَاقِ؛ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِالْحِجَازِ وَمَعْمَرٍ بِالْيَمَنِ عَلَى مَا فَسَّرْنَا وَبَيَّنَّا أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ .

 

فمخطئ من ادعى أن في المسألة خلاف !

 

وقال (7/209) : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ " الْأُمِّ " فِي (بَابِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ: يُحْتَجُّ بِأَنْ لَا تُجْزِئَ صَلَاةٌ إلَّا بِنِيَّةِ بِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} " ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ الْإِجْمَاعُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَنْ أَدْرَكْنَاهُمْ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا بِالْآخَرِ.

 

فهذا الإجماع ينقله عن الشافعي وإسحاق رحمهما الله وهما إمامان متبعان يعلمان ما يقولان 

 

وقال (7/330) : وَقَدْ حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ ": أَجْمَعَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَلَا عَمَلَ إلَّا بِنِيَّةٍ وَالْإِيمَانُ عِنْدَهُمْ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ وَالطَّاعَاتُ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ إيمَانٌ إلَّا مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الطَّاعَةَ لَا تُسَمَّى إيمَانًا قَالُوا إنَّمَا الْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ الْمَعْرِفَةَ وَذَكَرَ مَا احْتَجُّوا بِهِ. . . إلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْآثَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِي وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ ودَاوُد ابْنُ عَلِيٍّ والطبري وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ؛ (( فَقَالُوا: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ )) مَعَ الْإِخْلَاصِ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ.

 

وقال في شرح العمدة ص86 : وأيضا فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل كما دل عليه الكتاب والسنة (( وأجمع عليه السلف وعلى ما هو مقرر في موضعه )) فالقول تصديق الرسول والعمل تصديق القول فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا والقول الذي يصير به مؤمن قول مخصوص وهو الشهادتان فكذلك العمل هو الصلاة.(1)

 

ثالثا : التلازم بين أعمال الظاهر والباطن

 

قال (7/541-542) : وَإِذَا قَامَ بِالْقَلْبِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْمَحَبَّةُ لَهُ لَزِمَ ضَرُورَةَ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْبَدَنُ بِمُوجِبِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ الظَّاهِرَةِ؛ وَالْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ فَمَا يَظْهَرُ عَلَى الْبَدَنِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ هُوَ مُوجَبُ مَا فِي الْقَلْبِ وَلَازِمُهُ؛ وَدَلِيلُهُ وَمَعْلُولُهُ . 

 

وقال (7/553) عن المرجئة الذين يخرجون أعمال أجوارح من الإيمان ويدخلون عمل القلب وإن أدخلوها – أي أعمال القلب - في الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضا فإنها ملازمة لها .

 

رابعا : تكفير تارك الصلاة 

 

نقل تكفير الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله لتارك الصلاة

 

فقال عن الإمام أحمد (7/371) :  وأيضا فهو في أكثر أجوبته يكفر من لم يأت بالصلاة , بل وبغيرها من المباني .

 

وقال عن إسحاق (7/308) : وَقَالَ إسْحَاقُ: مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَى الْمَغْرِبِ , وَالْمَغْرِبِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ تَرْكُهَا لَا يَكُونُ كُفْرًا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ - يَعْنِي تَارِكَهَا. وَقَالَ ذَلِكَ - وَأَمَّا إذَا صَلَّى وَقَالَ ذَلِكَ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ قَالَ: (( وَاتَّبَعَهُمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ عَصْرِنَا هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ )) إلَّا مَنْ بَايَنَ الْجَمَاعَةَ وَاتَّبَعَ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ فَأُولَئِكَ قَوْمٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ لَمَّا بَايَنُوا الْجَمَاعَةَ .

 

بل وقد شنع هو نفسه على من لا يكفرون تارك الصلاة

 

فقال (7/613-614) : وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَكْفُرُوا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا ؛ فَلَيْسَتْ لَهُمْ حُجَّةٌ إلَّا وَهِيَ مُتَنَاوِلَةٌ لِلْجَاحِدِ كَتَنَاوُلِهَا لِلتَّارِكِ فَمَا كَانَ جَوَابُهُمْ عَنْ الْجَاحِدِ كَانَ جَوَابًا لَهُمْ عَنْ التَّارِكِ؛ مَعَ أَنَّ النُّصُوصَ عَلَّقَتْ الْكُفْرَ بِالتَّوَلِّي كَمَا تَقَدَّمَ؛ (( وَهَذَا مِثْلُ اسْتِدْلَالِهِمْ بالعمومات الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْمُرْجِئَةُ )) كَقَوْلِهِ {مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٍ مِنْهُ. . . أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ} وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ. .

 

ثم ناقش أدلتهم وبيّن ضعفها 

 

ولا يقال أن الإمام لم يعرف ! أو لم يتأمل أو لم ... ! أحاديث الشفاعة 

 

فهذه حجة ضعيفة متهافتة , بل الذين لا يكفرون تارك أعمال الجوارح بالكلية هم الذين لم يتأملوا أحاديث الشفاعة

 

قال ابن تيمية رحمه الله كما في جامع المسائل (4/106) : وفي الصحيح  أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئل عمن لم يَرَهُ كيف تَعرِفُهم؟

فقال: "يأتون يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلِيْنَ من آثارِ الوضوء". فمن لم يُصلِّ لم يكن فيه علامةُ أمةِ محمد يومَ القيامة.

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة أنه ذَكَر الجهنَّميين الذين أُخرِجوا من النار بالشفاعة، قال: "فتأكُلُهم النّارُ إلاّ موضعَ السجود، فإن الله حرَّم على النار أن تأكلَ أثَرَ السجود". وأمثال ذلك كثيرة .(2)

 

 

أخي القارئ ..!

 

وبعد هذا البيان والإيضاح كله فإن الإصرار على نسبة هذه الشنعة إلى الإمام رحمه الله ليعد شعبة صريحة من شعب عدم الحياء 

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد .


 __________________________


(1) هذا النقل أضافه أحد الإخوة (الأحبة) إلى المقال .

(2) هذا النقل بحثت عنه في الشاملة لأنني علمت بوجوده من كلام للإمام ابن سحمان واحتجته هنا ولم أهتد إلى مكانه إلا بها .

 

__________________________



أتممته ولله الحمد يوم الخميس

16 جمادى الأول 1437هـ

بعد منتصف الليل.



الجمعة، 12 فبراير 2016

براءة الإمام ابن سحمان من مقالة ارجائية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد :

 

فهذه الحلقة الثانية من سلسلة المقالات التي أعدها تبرئة للأئمة مما نسب إليهم من عقائد المرجئة .

 

وسأتناول في هذه الحلقة الإمام ابن سحمان رحمه الله ؛ حيث استُدِلَّ بكلام له أن تارك أعمال الجوارح لا يكفر ؛ مع أنني اعتقد والله أعلم أن الإمام رحمه الله لم يخطر بباله ولو لوهلةٍ شيئا من هذه العقيدة الفائلة (1) .

 

والكلام الذي فُهِمَ على غير مقصوده هو قوله رحمه الله : ونحن لم نكفر أحداً بذنب دون الشرك الأكبر الذي أجمعت الأمة على كفر فاعله، إذا قامت عليه الحجة، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد كما حكاه ..اهـ المراد من الضياء الشارق 

 

قلت : وسأنقل لك أخي القارئ شيئا من أقوال الإمام التي تُظهِر لك جلياً أن ما بين النقل والفهم كما بين المشرقين !

 

1- تكفير الشيخ لتارك الصلاة حيث قال في قصيدة له :

 

ومن لا يصلي فهو لا شك كافر ... كما قاله المعصوم أكمل سيد

 

والذي يكفر تارك الصلاة فهو بلا شك يكفر تارك أعمال الجوارح !

 

2- توضيحه لمعاني أحاديث الشفاعة :

 

قال رحمه الله كما في الدرر السنية (2/250-251) : 

 

وقد أخرج البخاري في صحيحه، بسنده عن قتادة ، قال حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم " ومعاذ، رضي الله عنه رديفه على الرحل" قال يا معاذ ! , قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ، قال : يا معاذ ! قال لبيك يا رسول الله وسعديك ، ثلاثا، قال ما من أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرم الله تعالى عليه النار. قال: يا رسول الله، أفلا أخبر الناس فيستبشروا ؟ قال : إذا يتكِلوا . فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً.

قال شيح الإسلام وغيره في هذا الحديث ونحوه : أنه فيمن قالها ، ومات عليها كما جاءت مقيدة ، لقوله خالصاً من قلبه . غير شاك فيها بصدق ويقين ، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله تعالى جملة، فمن شهد أن لا إله إلا الله، خالصاً من قلبه، دخل الجنة، لأن الإخلاص، هو انجذاب القلب إلى الله تعالى، بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحا، فإذا مات على تلك الحالة نال ذلك.

فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، وما يزن خردلة ، وما يزن ذرة ؛ وتواترت بأن كثيرا ممن يقول لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها ؛ وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم(2) ، (( فهؤلاء كانوا يصلون، ويسجدون لله )) ؛ وتواترت بأنه يحرم على النار من قال لا إله إلا الله وشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال .اهـ

 

وفي هذا التوضيح إزالة للإشكال الحاصل مؤخراً من أحاديث الشفاعة حيث جاء التصريح بأن هؤلاء الذين لم يعملوا خيراً قط (( كانوا يصلون ! )) .

 

3- تصريح الشيخ رحمه الله أن العمل ركن من أركان الإيمان لا يكون المرء مسلماً إلا به ؛ حيث قال كما في الدرر السنية (2/350) :

 

فلا بدّ في شهادة ألا إله إلا الله من اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، (( وعمل بالأركان ))، فإن اختل نوع من هذه الأنواع لم يكن الرجل مسلماً , فإذا كان الرجل مسلماً. وعاملاً بالأركان، ثم حدث منه قول ، أو فعل أو اعتقاد  يناقض ذلك لم ينفعه قول : لا إله إلا الله ؛ وأدلة ذلك في الكتاب والسنة ، وكلام أئمة الإسلام ، أكثر من أن تحصر .اهـ

 

وفي هذا إن شاء الله بيان شافٍ من الريبة كافٍ في إيصال المراد لمن قصد  اتباع الحق. 

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد.

 

________


(1) التافهة .

(2) رواه البخاري 806 , وفيه : حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ .الحديث

فتأمل قوله : يعرفونهم بأثر السجود . وأيضا قوله : وهو آخر أهل النار دخولا الجنة ليزول عنك الإشكال .


________

 

وهنا مقال : براءة الإمام المجدد من مقالة ارجائية

 http://nwwaaf.blogspot.com/2016/02/blog-post.html?spref=tw



_________________________

 


أتممته في :

يوم الخميس 2 جمادي الأولى 1437هـ


السبت، 6 فبراير 2016

براءة الإمام المجدد من عقيدة إرجائية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد

 

شاعت مؤخرا مقالة ارجائية تقرر إسلام تارك أعمال الجوارح بالكلية  إن قال لا إله إلا الله وأتى بالتوحيد , وقد نفقت –وللأسف- هذه المقالة بين العديد من طلاب العلم إما بسبب تعظيمهم لقائلها أو تعظيمهم لمن نُسِبَت إليه ظلما !.

 

بيد أن كثيرا ممن ينتحلها الآن - أو يسكت عنها – كان فيما قبل يعدها من المسائل التي لا ينتطح كبشان من كونها من أوضار المرجئة وبوائقهم ولكن .. الله المستعان 

 

ومن الأئمة الذين نسبت إليهم هذه المقالة وهو منها براء كبراءة الذئب من دم يوسف الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب قدس الله روحه 

 

وأنا إن شاء الله أذكر في هذه الورقات فصلين أدافع فيها عن الإمام وأذب عنه هذه المقالة بحجج لا تترك في قلب مرتاب شبهة 

 

الفصل الأول : من أقوال الإمام التي يقرر فيها خلاف التهمة المذكورة أعلاه .

الفصل الثاني : توضيح الاشتباه الذي وقعوا فيه .

 


الفصل الأول : يتضح في 

 

1- نقله الإجماع على أن الإيمان يكون في القلب واللسان والجوارح 

 

قال قدّس الله روحه كما في الدرر السنية (2/124) (( لا خلاف بين الأمة )) ، أن التوحيد: لا بد أن يكون بالقلب، الذي هو العلم واللسان الذي هو القول ; والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي ; فإن أخل بشيء من هذا، لم يكن الرجل مسلما ; فإن أقر بالتوحيد ولم يعمل به، فهو كافر، معاند، كفرعون وإبليس; وإن عمل بالتوحيد ظاهراً، وهو لا يعتقده باطناً ،  فهو: منافق خالصاً، أشر من الكافر; والله أعلم .اهـ

 

قلت : . ولا يقال أن مراد الإمام بالعمل هو عمل القلب لأنه رتب وفرق تفريقاً واضحاً بينهما (( فالله المستعان ! ))

 

وهذا النقل – في رأيي - وحده كاف في نقض التهمة وتخليص الإمام مما نسب إليه ! ,

غير أني سأتبعه بغيره حتى أقطع حجة المخالف – إن بقي لديه حجة –ويستفيد ، فإن في تكرير الحجج إزهار(1) للحق وإزهاق للباطل  

 

وهنا يصرح بمراده !

فيقول كما في الدرر السنية ((10/87) :

اعلم رحمك الله : أن دين الله يكون على القلب بالإعتقاد، وبالحب والبغض، ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر، (( ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام )) ، وترك الأفعال التي تكفر؛ فإذا اختل واحدة من هذه الثلاث، كفر وارتد. .اهـ

 

وقال أيضا كما في الدرر (1/33) :

وأعتقد أن الإيمان: قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية .اهـ

 

2- استدلاله بكلام ابن تيمية رحمه الله في أن كلمة "لا إله إلا الله" لا تكفي إلا مع الإتيان بحقها

 

قال كما في الدرر السنية (2/95) في حديثه عن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته التوحيد: وحتى حذرهم عن الكفر بنعمة الله، قيل هو قول الرجل: هذا مالي، ورثته عن آبائي، وقال بعضهم: هو كقوله: الريح طيبة، والملاح حاذق، ونحو ذلك; ولما ذكر شيخ الإسلام تقي الدين الأحاديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله " وكذلك حديث ابن عمر في الصحيحين: " أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة"  قال: (إن الصلاة من حقها، والزكاة من حقها) كما قال الصديق لعمر، ووافقه عمر، وسائرهم على ذلك، ويكون ذلك أنه إذا قالها قد شرع في العصمة، وإلا بطلت.

 

قد قال النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من الحديثين، في وقت، ليعلم المسلمون أن الكافر إذا قالها وجب الكف عنه، ثم صار القتال مجرداً إلى الشهادتين، ليعلم أن تمام العصمة يحصل بذلك، لئلا يقع شبهة; وأما مجرد الإقرار، فلا يعصمهم على الدوام، كما وقعت لبعض الصحابة، حتى جلاها الصديق رضي الله عنه ووافقه عمر .اهـ

 

أي أن كلمة "لا إله إلا الله" كافية لدخول المرء في الإسلام ولكنها غير كافية لبقائه فيه 

 

3- وأيضا قوله بكفر الذين منعوا الزكاة في حروب الردة مع أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله !

 

قال كما في الدرر السنية (9/419) : ومن أعظم ما يحل الإشكال في مسألة التكفير والقتال، عمن قصده اتباع الحق: إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، وإدخالهم في أهل الردة، وسبي ذراريهم، وفعلهم فيهم ما صح عنهم، وهو أول قتال وقع في الإسلام، على من ادعى أنه من المسلمين .اهـ

 

ونقل قبلها قول ابن تيمية : وكفر هؤلاء، وإدخالهم فيأهل الردة، قد ثبت باتفاق الصحابة، المستند إلى نصوص الكتاب والسنة; .اهـ

 

4- وهنا ذكر عدة أفعال يصبح المرء بفعلها كافراً وليس فيها شرك .

 

قال في الدرر السنية (10/104) : وقولكم: لِمَ تكفّرون من يعمل بفرائض الإسلام الخمس؟ فقد كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى الإسلام ثم مرق من الدين، كما في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث البراء بن عازب معه الراية، إلى رجل تزوج امرأة أبيه، ليقتله ويأخذ ماله، وقد انتسب إلى الإسلام وعمل به.

ومثل: قتال الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة، وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم، وتسميتهم مرتدين بعدما عملوا بشرائع الإسلام; ومثل إجماع التابعين على قتل الجعد بن درهم، وهو مشتهر بالعلم والدين، إلى غير ذلك، جرى وقائع لا تعد ولا تحصى .اهـ

 

وهذه رد على من زعم أن المجدد لا يكفر إلا بالشرك باللهفهذه ثلاث مكفرات ليس فيها شرك ؛

الأول : من تزوج امرأة أبيه(2) , الثاني : مانعو الزكاة , الثالث : إنكار الصفات .

 


الفصل الثاني : توضيح مقصد الإمام المجدد في الكلام الذي أُشْكِلَ فهمه 

 

قال الإمام المجدد رحمه الله كما في الدرر السنية (10/129) :

وأما الذي نكفر به فالشرك بالله كما قال تعالى "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" .اهـ

 


أقول : مقصد الإمام رحمه الله من كلامه هذا الرد على أعداء الدعوة الذين ينسبون إليها الافتراءات وأنهم يكفرون بارتكاب الكبائر ؛ وهذا يتبين من قوله قبل كلامه المذكور : يذكر لنا من أعداء الإسلام، من يذكر أنا نكفر بالذنوب، مثل التتن، وشرب الخمر، والزنى أو غير ذلك من كبائر الذنوب، فنبرأ إلى الله من هذه المقالة، بل الذي نحن نقول: الذنوب فيها الحدود، ومعلقة بالمشيئة، إن شاء الله عفا، وإن شاء عذب عليها. وأما الذي نكفر به.. .إلخ

 

وقال كما في مجموع رسائله (1/46) : من محمد بن عبد الوهاب، إلى الأخ حمد التويجري، ألهمه الله رشده؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد، وصل الخط، أوصلك الله ما يرضيه. وأشرفنا على الرسالة المذكورة، وصاحبها ينتسب إلى مذهب الإمام أحمد ... وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهاب يقول: الذي ما يدخل تحت طاعتي كافر، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم! بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا، بأن من عمل بالتوحيد، وتبرأ من الشرك وأهله، فهو المسلم في أي زمان وأي مكان. (( وإنما نكفّر مَن أشرك بالله في إلهيته )) ..اهـ

 

مما سبق يتبين أنه من الغلط القول أن الإمام المجدد مر بمذهبين في مسألة تارك الأعمال , فكلام الإمام يتضح لمن أشكل عليه بجمع بعضه إلى بعض والأخذ بالصريح من أقواله , وهذا في كل الأئمة المتبعون فلو أراد أحد أن يدلل على قوله من كلامهم لاستطاع فهذا ابن جرجيس يستدل بكلام ابن تيمية على عدم تكفير عباد القبور إلا بشروط وضعها هو , وهذا صاحب دفع شبه التشبيه يستدل بكلام الإمام أحمد على نفي العلو ! , وها هم كل المبتدعة والمنسوبون إلى الإسلام كلهم يستدلون بالقرآن على بدعهم !!(3)

 

فما المخلص من كل هذا ؟!

 

المخلص أن يكون قصد المسلم ائتمام الحق حيث كان وسؤال الله التوفيق , ولا يكون متغيراً بتغير المواقف ، أو بتغير قول مُتِّبعه 

 

والأمر كما أسلفت لو أراد المبطل الاستدلال على قوله بشيء لوجد بغيته في القرآن .. فاجعل نُصبَ عينيك ما قاله العالم الرباني عبدالله بن مسعود رضي الله عنه :

 

إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ .(4)

 

وعليك بالأمر الأول.

 

هذا وصلِ اللهُم وسلِم على سيدنا محمد.


__________________________




(1) الإزهار هو الإضاءة .قال صاحب الصحاح : وزَهَرَتِ النارُ زُهوراً: أضاءت، وأَزْهَرْتُها أنا .

(2) قال الطبري في تهذيب الآثار (6/457) : وكان الذي عرس بزوجة أبيه ، متخطيا بفعله حرمتين ، وجامعا بين كبيرتين من معاصي الله إحداهما : ((عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله )) : "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" 

والثانية : إتيانه فرجا محرما عليه إتيانه وأعظم من ذلك تقدمه على ذلك بمشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإعلانه عقد النكاح على من حرم الله عليه عقده عليه بنص كتابه (( الذي لا شبهة في تحريمها عليه )) ، وهو حاضره . فكان فعله ذلك من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتاه به عن الله تعالى ذكره ، وجحوده آية محكمة في تنزيله فكان بذلك من فعله كذلك ، عن الإسلام إن كان قد كان للإسلام مظهرا مرتدا .اهـ

(3) تنبيه : بعض أهل البدع يستدل بالكتاب والسنة فقط من باب الاستئناس لا من باب الإحتجاج .

(4) رواه الفريابي في فضائل القرآن 23 قال : حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّالْقَانِيُّ، نا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ .


_____________________________



أتممته في : يوم الثلاثاء  ٢٣/ ربيع الثاني / ١٤٣٧ ھ