السبت، 17 يونيو 2017

التنبيه على غلط الشيخ عثمان الخميس في شرح حديث (خلق الله آدم على صورته )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

أما بعد

فقد أرسل إليّ أحد الأصدقاء مقطعا للشيخ عثمان الخميس سدده الله يتكلم فيه عن حديث "خلق الله آدم على صورته" وقد جانب الشيخ الصواب

وسأبيّن  هذا فيما يلي

قال الشيخ عثمان الخميس سدده الله : هذا الحديث أشكل على بعض أهل العلم , وهو : إن الله خلق آدم على صورته ؛ الضمير يعود إلى من ؟ صورة من ؟ صورته ,
قيل : على صورته صورة آدم ولذلك قال بعده : ستون ذراعاً في السماء , هذه صورته ,
وقال بعضهم : أول الحديث يفسر آخره , وهي قوله : إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه ولا يقل قبح الله وجهك , فإن الله خلق آدم على صورته , أي : على صورة المضروب , يعني الذي تضربه لا تضربه على وجهه لأن الله خلق آدم على صورته , فيكون الضمير يعود على المضروب أو على المقبح ؛ لا تقبح الوجه لا تقل : قبح الله وجهك , لأن الله خلق آدم على صورته , أي على صورة المقبح أو المضروب , 
وقال أكثر أهل العلم أن الضمير يعود على الله جل وعلا , وقد جاء في الحديث : إن الله خلق آدم على صورة الرحمن 
فيكون : على صورته : أي إن الله خلق آدم على صورته أي صورة الله , لأنه أقرب مذكور يعود إليه الضمير ...
هذا الذي عليه أكثر أهل العلم ... إلخ ما قال 

قلت : يكمن خطأ الشيخ سدده الله بجعله الخلاف في هذه المسألة خلافاً سائغاً , وأنه مما اختلف فيه العلماء (علماء أهل السنة)

ولكن الحق أن هذا الحديث مما أجمع أهل العلم على مضمونه وهو أن الله خلق آدم على صورة الرحمن , ولم يكن الخلاف إلا من الجهمية ,ولذلك كان الأئمة يسوقونه في ردودهم على الجهمية في مصنفاتهم كعبدالله في السنة , والآجري في الشريعة , 

قال شيخ الإسلام رحمه الله : لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك ... ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائداً إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة .اهـ(1)

وكان الإمام أحمد يصف المخالف فيه بالجهمي !

قَالَ أَحْمَد بِن حنبل: من قَالَ إن آدم خلقه عز وجل عَلَى صورة آدم: فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه؟.اهـ (2)

وقال إبراهيم بن شاقلا يحكي حواراً دار بينه وبين أبي سليمان الدمشقي :  ثُمَّ  قَالَ لي: تروي حديث أَبِي هريرة: " خلق آدم على صورته " ويومىء إلى أنه مخلوق عَلَى صورة آدم.
فقلت لَهُ: قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: من قَالَ إن آدم خلقه عز وجل عَلَى صورة آدم: فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه؟.
فَقَالَ لي: قد جاء الحديث عن أَبِي هريرة عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورة آدم ".
فقلت لَهُ: هَذَا كذب عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَقَالَ لي: بلى قد جاء فِي الحديث: " طوله ستون ذراعاً " عَلَى أنه آدم.
فقلت لَهُ: قد رد هَذَا وليس هُوَ الَّذِي ادعيت عَلَى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنك قُلْتُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورة آدم " ثُمَّ استدللت بقوله: " ستون ذراعاً " عَلَى أنه آدم وهذا خبر جاء عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجهين. فأبو الزناد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورته " وَرَوَى جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لا تُقَبِّحُوا الْوُجُوهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ " قَالَ أَبُو إسحاق: وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بْن راهويه: أنه صحيح مرفوع وأما أَحْمَد بْن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه عَلَى ابْن عمر فكلاهما الحجة فِيهِ عَلَى من خالفه فإن كَانَ رفعه صحيحاً إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد سقط العذر وإن كَانَ ابْن عمر القائل لَهُ: فقد اندحض بقول ابْن عمر تأويل من حمل قوله: " عَلَى صورته ".
قَالَ أَبُو إسحاق: وهذا لم يجر بيني وبينه وإنما بينته لأصحابي ليفهموه.
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: قوله: " خلق آدم عَلَى صورته " لا يتأول لآدم عَلَى صورة آدم لما قاله أَحْمَد: " وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه؟ " فقد فسد تأويلك من هَذَا الوجه وفسد أيضا بقول ابْن عمر عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورة الرحمن تبارك وتعالى ".
وأما الاستدلال بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " طوله ستون ذراعاً " فإن كانت هَذِهِ اللفظة محفوظة فكان قوله: " خلق آدم عَلَى صورته " فتم الكلام ثُمَّ قَالَ: " طوله ستون ذراعاً " إخباراً عن آدم بذلك عَلَى حديث الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عثمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: " إن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ " ذكرت بدلالة حديث ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما وما ذكرته عن أَحْمَد.اهـ (3)

وقال زكريا وقلت: لعبد الوهاب –الوراق تلميذ الإمام أحمد- مرة أخرى وقد تكلم قوم فِي هذه المسألة خلق اللَّه آدم عَلَى صورته فقال: من لم يقل إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورة الرحمن فهو جهمي.اهـ (4)

وسُئِل أيضاً الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين، عن قوله: خلق الله آدم بيده على صورته، هل الكناية في قوله: على صورته، راجعة إلى آدم ... إلخ؟
فأجاب: هذا الحديث المسؤول عنه، ثابت في صحيح البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً "1 وفي بعض ألفاظ الحديث: " إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته "2، قال النووي: هذا الحديث من أحاديث الصفات، ومذهب السلف أنه لا يتكلم في معناه; بل يقولون: يجب علينا أن نؤمن بها، ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله تعالى، مع اعتقادنا أنه ليس كمثله شيء. انتهى.
قال بعض أهل التأويل: الضمير في قوله: "صورته" راجع إلى آدم، وقال بعضهم: الضمير راجع على صورة الرجل المضروب، ورد هذا التأويل بأنه إذا كان الضمير عائداً على آدم فلا فائدة في ذلك، إذ ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته; وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها; فأي فائدة في الحمل على ذلك؟ ورد تأويله بأن الضمير عائد على ابن آدم المضروب، بأنه لا فائدة فيه، إذ الخلق عالمون بأن آدم خلق على خلق ولده، وأن وجهه كوجوههم، فيرد هذا التأويل كله بالرواية المشهورة: " لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن ".
وقد نص الإمام أحمد على صحة الحديث، وإبطال هذه التأويلات; فقال في رواية إسحاق بن منصور: " لا تقبحوا الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته " صحيح، وقال في رواية أبي طالب: من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم، فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟! وعن عبد الله بن الإمام أحمد قال: قال رجل لأبي: إن فلانا يقول في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم على صورته"، فقال: على صورة الرجل; فقال أبي: كذب، هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا؟
وقال أحمد في رواية أخرى: فأين الذي يروي: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن"؟ وقيل لأحمد، عن رجل إنه يقول: على صورة الطين، فقال: هذا جهمي، وهذا كلام الجهمية.
واللفظ الذي فيه على صورة الرحمن، رواه الدارقطني، والطبراني، وغيرهما، بإسناد رجاله ثقات; قاله ابن حجر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجها ابن أبي عاصم، عن أبي هريرة مرفوعا، قال: " من قاتل فليجتنب الوجه، فإن صورة وجه الإنسان، على صورة وجه الرحمن "1 وصحح إسحاق بن راهويه اللفظ فيه: على صورة الرحمن; وأما أحمد، فذكر أن بعض الرواة وقفه على ابن عمر، وكلاهما حجة; وروى ابن مندة، عن ابن راهويه، قال: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن آدم خلق على صورة الرحمن " وإنما علينا أن ننطق به.
قال القاضي أبو يعلى، والوجه فيه أنه ليس في حمله على ظاهره ما يزيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأننا نطلق تسمية الصورة عليه، لا كالصور، كما أطلقنا تسمية: ذات، ونفس، لا كالذوات، والأنفس; وقد نص أحمد في رواية يعقوب بن بختان، قال: " خلق آدم على صورته "1 لا نفسره، كما جاء الحديث. وقال الحميدي لما حدث بحديث: " إن الله خلق آدم على صورته "2 قال: لا نقول غير هذا، على التسليم والرضى بما جاء به القرآن والحديث، ولا نستوحش أن نقول كما قال القرآن والحديث.
وقال ابن قتيبة: الذي عندي - والله أعلم - أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الألف لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذا لأنها لم تأت في القرآن; ونحن نؤمن بالجميع، هذا كلام ابن قتيبة .اهـ (5)
وصنف العلامة حمود التويجري كتابه (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن) وكذلك العلامة عبدالله الدويش (دفاع اهل السنة والإيمان عن حديث خلق آدم على صورة الرحمن) نصرة لمذهب السلف في هذه المسألة وبيان أن قولهم فيها واحداً ،

وبعد هذا فالذي يهون الخلاف في المسألة يكون مخالفاً لمذهب السلف رضوان الله عليهم الذين كل خير في اتباعهم وكل شر في الحيدة عن طريقهم , وما نفق سوق الباطل بين أظهرنا إلا لضعف تمسكنا بهديهم وتصرفاتهم في مثل هذه السياقات وتمييعنا لها , 

ثم نتج عن هذا أن صار خلافنا مع مرجئة الفقهاء في مسائل الإيمان خلافاً سائغاً , وحتى وجدنا من يرد صفاتاً ثابتة من صفات الباري عز وجل بشبه من جنس شبه الجهمية كصفة الجلوس وصفة الصدر والذراعين وصفة الهرولة وصفة النور , وحتى وجدنا من ينكر فضيلة إجلاس النبي صلى الله عليه وسلم على العرش التي رواها التابعي الجليل مجاهد رحمه الله ،

هذا ما وجب بيانه وأسأل الله أن يوفق الشيخ الدكتور عثمان الخميس ويسدد مساعيه في نصرة السنة ويزده فقهاً ويقيناً وإيماناً ،
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) بيان تلبيس الجهمية (3/202)
(2) طبقات الحنابلة (1/309)
(3) طبقات الحنابلة (2/128)
(4) طبقات الحنابلة (/212)
(5) الدرر السنية (3/260)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنهيته ولله الحمد يوم السبت 22 رمضان 1438هـ
بعد أذان الفجر


الثلاثاء، 6 يونيو 2017

غلط الشيخ عمرو عبداللطيف بنسبته القول بتسطيح الأرض إلى علماء الإسلام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه 

أما بعد

قال الشيخ عمرو عبداللطيف في لقاء على قناة البصيرة : بالنسبة لأخينا محمد سؤال عن كروية الأرض , نقول : سل عما ينفعك ! سل عما ينفعك !
عما يعود عليك نفعه  , وإلا فالعلماء قديما وحديثا على أن الأرض مبسوطة مسطحة , "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت , وإلى السماء كيف رفعت , وإلى الجبال كيف نصبت , وإلى الأرض كيف سطحت"
وكذا في سورة الشمس "والسماء وما بناها والأرض وما طحاها" , طحاها : بسطها ومدها , فهذا الذي عليه علماء السلف !
وفيهم من أفتى بكفر من قال بكروية الأرض , فإذا قثلت : ينشغل الإنسان بما ينفعه وبما يعود عليه نفعه والقول قول ربنا سبحانه وتعالى 
ما الدليل على أن الأرض كروية ؟ علم الجغرافيا أنك ترى قمم الجبال أو ترى أعلى السفينة أو صعدوا إلى الفضاء ورأوا الأرض كروية !
وهل هذا يعول عليه ويهدر كلام ربنا وتفسير علماء السلف ؟
هذا يقول به مسلم عاقل ؟!
فالقول قول ربنا سبحانه الأرض سطحها ربنا وهي مدحوة .اهـ 

لمشاهدة المقطع : https://www.youtube.com/watch?v=0qKzU279Y9c

وهذا الكلام غلط فليس في كلام ربنا ولا أحد من علماء المسلمين أن الأرض مسطحة 

وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عَنْ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي " كَيْفِيَّةِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " هَلْ هُمَا " جِسْمَانِ كُرِّيَّانِ "؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا كُرِّيَّانِ؛ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَقَالَ: لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ وَرَدَّهَا فَمَا الصَّوَابُ؟.

فَأَجَابَ: السَّمَوَاتُ مُسْتَدِيرَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ: مِثْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَد بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي أَحَدِ الْأَعْيَانِ الْكِبَارِ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَلَهُ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ. وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَرَوَى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَذَكَرُوا ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بِالدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا دَلَائِلُ حِسَابِيَّةٌ. وَلَا أَعْلَمُ فِي عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمَعْرُوفِينَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ؛ إلَّا فِرْقَةٌ يَسِيرَةٌ مَنْ أَهْلِ الْجَدَلِ لَمَّا نَاظَرُوا الْمُنَجِّمِينَ فَأَفْسَدُوا عَلَيْهِمْ فَاسِدَ مَذْهَبِهِمْ فِي الْأَحْوَالِ وَالتَّأْثِيرِ خَلَطُوا الْكَلَامَ مَعَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ فِي الْحِسَابِ وَقَالُوا عَلَى سَبِيلِ التَّجْوِيزِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُرَبَّعَةً أَوْ مُسَدَّسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ وَلَمْ يَنْفُوا أَنْ تَكُونَ مُسْتَدِيرَةً لَكِنْ جَوَّزُوا ضِدَّ ذَلِكَ. وَمَا عَلِمْت مَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ مُسْتَدِيرَةٍ - وَجَزَمَ بِذَلِكَ - إلَّا مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ مِنْ الْجُهَّالِ. وَمِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ: فِي فَلْكَةٍ مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ. وَهَذَا صَرِيحٌ بِالِاسْتِدَارَةِ وَالدَّوَرَانِ وَأَصْلُ ذَلِكَ: أَنَّ " الْفَلَكَ فِي اللُّغَةِ " هُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَدِيرُ يُقَالُ تَفَلَّكَ ثَدْيُ الْجَارِيَةِ إذَا اسْتَدَارَ وَيُقَالُ لِفَلْكَةِ الْمِغْزَلِ الْمُسْتَدِيرَةِ فَلْكَةٌ ؛ لِاسْتِدَارَتِهَا. فَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَاللُّغَةِ عَلَى أَنَّ " الْفَلَكَ " هُوَ الْمُسْتَدِيرُ وَالْمَعْرِفَةُ لِمَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ : مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ مِنْ السَّلَفِ وَمِنْ اللُّغَةِ: الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا وَهِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ . وَقَالَ تَعَالَى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} قَالُوا: وَ " التَّكْوِيرُ " التَّدْوِيرُ يُقَالُ: كَوَّرْت الْعِمَامَةَ وَكَوَّرْتهَا: إذَا دَوَّرْتهَا وَيُقَالُ: لِلْمُسْتَدِيرِ كَارَةٌ وَأَصْلُهُ " كورة " تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا .اهـ (1) 

هذا شيخ الإسلام رحمه الله ينقل الإجماع ويصف من يخالف في هذا بأنه من الجهال

ومن علماء المسلمين الذين نقل عنهم القول بكروية الأرض :

((
أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله ابن خرداذبة (820 – 912م) مؤرخ وجغرافي اشتهر بكتابه الجغرافي كتاب المسالك والممالك، الذي وصف فيه المسافات بين البلدان وقد عمل في خدمة الخليفة العباسي المأمون.[1] أشار هذا العالم صراحة إلى كروية الأرض بقوله :” إن الأرض مدورة كدوران الكرة، موضوعة كالمحة في جوف البيضة “. و يضيف مشيرا إلى الجاذبية بمنتهى الوضوح : والأرض جاذبة لما في أبدانهم من الثقل لأن الأرض بمنزلة الحجر الذي يجتذب الحديد.

أحمد بن عمر، أبو علي ابن رسته (توفي نحو 300 هـ / نحو 912 م) هو جغرافي فارسي، من أهل أصفهان صنف كتاب «الأعلاق النفيسة»،و يقول فيه :”إن الله جل وعز وضع الفلك مستديرًا كاستدارة الكرة أجوف دوَّارًا.. والأرض مستديرة أيضًا ومصمتة في جوف الفلك“.

المسعودي (283 هـ – 346 هـ / ~896 – 957 م) من أشهر العلماء العرب. والمعروف بهيرودوتس العرب. وكتبالمسعودي” (ت: 346هـ – 956م) في كتابه (التنبيه والإشراف) : “جعل الله عز وجل الفلك الأعلى وهو فلك الاستواء وما يشمل عليه من طبائع التدوير، فأولها كرة الأرض يحيط بها فلك القمر….”


الشريف الإدريسي عالم مسلم من أهل البيت. أحد كبار الجغرافيين في التاريخ ومؤسسين علم الجغرافيا وقد ذكرالشريف الإدريسي” (ت: 560هـ – 1166م) في كتابه (نزهة المشتاق) ما نصه: “..وإن الأرض مدورة كتدوير الكرة، والماء لاصق بها، وراكد عليها ركودًا طبيعيًّا لا يفارقها، والأرض والماء مستقرَّان في جوف الفلك كالمحة في جوف البيضة.. ووضعهما وضع متوسط، والنسيم يحيط بها (يقصد الغلاف الجوي) من جميع جهاتها…” ويُذكَر أن الإدريسيَّ لما أراد صُنع نموذج للأرض كان على شكل كرة من الفضة منقوش عليها صورة الأقاليم السبعة، ويقال أن الدائرة الفضية تحطمت في ثورة كانت في صقلية، بعد الفراغ منها بمدة قصيرة )) (2) منقول 

والتكفير في ذلك إنما هو كذبة كذبها أحد ملاحدة مصر على الشيخ ابن باز رحمه الله , ورد عليه الشيخ رحمه الله 

قائلا : وجوابي عن ذلك أن أقول: (سبحانك هذا بهتان عظيم) لقد نشر المقال الذي أشار إليه الكاتب في جميع الصحف المحلية في رمضان 1385 واطلع عليه القراء في الداخل والخارج وليس فيه ذكر كروية الأرض بنفي ولا إثبات فضلا عن إهدار دم من قال بها، وقد وقع فيما نقلته في المقال من كلام العلامة ابن القيم - رحمه الله - ما يدل على إثبات كروية الأرض فكيف جاز لأحمد بهاء الدين أو من نقل إليه هذا النبأ أن يقدم على هذا البهتان الصريح وينسبه إلى مقال قد نشر في العالم وقرأه الناس، سبحان الله ما أعظم جرأة هذا المفتري، ولكن ليس بغريب أن يصدر مثل هذا الافتراء عن أنصار الإلحاد والمذاهب الهدامة فقد قال الله عز وجل: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (1) وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان (2) » وإنما أهدرت في المقال دم من قال إن الشمس ثابتة لا جارية بعد استتابته، وما ذلك إلا لأن إنكار جري الشمس تكذيب لله سبحانه وتكذيب لكتابه العظيم وتكذيب لرسوله الكريم، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام وبالأدلة القطعية وبإجماع أهل العلم أن من كذب الله أو رسوله أو كتابه فهو كافر حلال الدم والمال ويستتاب فإن تاب وإلا قتل، وليس في هذا بحمد الله نزاع بين أهل العلم.
وأما قول الكاتب: إذا كان يبدو غريبا أن يذاع هذا الرأي في سنة 1966 م وفي عصر الفضاء. إلخ. . فالجواب عنه أن يقال لا ريب أن إظهار الحق ونشره في هذا العصر ودعوة الناس إليه يعتبر من الأمور الغريبة وذلك لاستحكام غربة الإسلام .اهـ (3)

ثم إنه من العجيب أن يقول الشيخ سدده الله للسائل : سل عما ينفعك

ثم ينقل أن بعض العلماء يكفر المخالف له في المسألة

المسائل التي يكفر فيها المخالف لابد أن تكون من الأهمية بمكان وأن يوصى بالاهتمام فيها , وهذا كالذي سئل عن حديث "خلق الله آدم على صورته" فنهى عن السؤال عنها , مع أن علماء السلف يبدعون المخالف في أن الله خلق آدم على صورة الرحمن

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجموع الفتاوى (6/545)
(2) منقول

(3) ) مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ( 3/157)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنهيته ولله الحمد بعد صلاة التراويح 
الإثنين ١١ رمضان  1438هـ.