الاثنين، 5 مارس 2018

(ثلاث عورات للأشاعرة)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد

 فهذا مقال مختصر أتحدث فيه عن ثلاث عورات للأشاعرة هي بهم كفر أكبر مخرج من الملة .

الأولى : حقيقة قولهم في القرآن :

زعم الأشاعرة أن كلام الله الذي هو صفة قائمة به غير مخلوق , لكن كلامه سبحانه غير موصوف بالحروف والأصوات لأنها توجب التجسيم , وليس له لغة لأن إثبات لغة له يوجب التشبيه .

أما القرآن فهو (عبارة/حكاية) عن كلام الله , وليس كلام الله حقيقة , عبر عنه جبريل عليه السلام , والمُعبِّر مخلوق إذا المُعَبَّر عنه مخلوق .

قال الباقلاني : وهو كلام الله تعالى الذي لا يجوز أن يكون حروفاً وأصواتاً، لأن الحروف والأصوات يتقدم بعضها على بعض.الإنصاف ص64


وقال الجويني : فإن معنى قولهم-أي المعتزلة- هذه العبارات كلام الله : أنها خلقه،ونحن لا ننكر أنها خلق الله. الإرشاد(ص/117)

وقال البيجوري:  ومذهب أهل السنة ! أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلـوق ، لكن يمتنع أن يقال : القرآن مخلوق ويراد به اللفظ الذي نقرؤه إلا في مقام التعليم ؛ لأنه ربما أوهم أن القرآن بمعنى كلامه تعالى مخلوق .
) شرح جوهرة التوحيد.ص94)

قال أبو نصر السجزي رحمه الله  : واتفق المنتمون إلى السنة بأجمعهم على أنه غير مخلوق وأن القائل بخلقه كافر ... ومنكر الصفة كمنكر الذات , فكفره كفر جحود لا غير . (الرد على من أنكر الحرف والصوت ص106)

قال أبو نصر رحمه الله : فقد بان بما قالوا أن القرآن الذي نفوا الخلق عنه ليس بعربي، وليس له أوّل ولا آخر.
ومنكر القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاء , ومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر كافر بإجماعهم، ومدعي قرآن لا لغة فيه جاهل غبي عند العرب . (الرد على من أنكر الحرف والصوت ص107)


2- وحقيقة قول الأشاعرة في الله سبحانه وتعالى :

 قال أبو نصر السجزي رحمه الله : و زعم الأشعري أن الله سبحانه غير ممازج للخلق ولا مباين لهم والأمكنة غير خالية منه وغير ممتلئة به. اه . (الرد على من أنكر الحرف والصوت)

, قال إمامهم الرازي : أنا ندعي وجود موجود غير حال في العالم ولا مباين عنه في شيء من الجهات الست . (أساس التقديس ص4 ط الحلبي)
وقال  الباقلاني : ونقول: استواؤه لا يشبه استواء الخلق، ولا نقول إن العرش له قرار، ولا مكان، لأن الله تعالى كان ولا مكان، فلما خلق المكان لم يتغير عما كان.
(الإنصاف ص12)

وقال: فإن قيل إذا كان مرئياً فأين هو ؟ قيل لهم إن أردتم أين هو في وصف المنزلة والرفعة والجلال فهو كما وصف نفسه بقوله تعالى: " وهو القاهر فوق عباده ...إلى أن قال : قيل لهم: الأين سؤال عن مكان وليس هو مما يحويه مكان، لما قدمنا من الحجج والبراهين.
( الإنصاف ص75)


فهل يوصف العدم إلا بما وصفوا به الله ؟! , تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .
.
 قال الإمام ابن بطة العكبري الحنبلي رحمه الله : وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية.
الإبانة الكبرى ج6 ص141 .

 وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتحن إيمان الناس بإيمانهم أن الله في السماء كما في حديث الجارية الذي أخرجه مسلم , قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أين الله ؟ قالت : في السماء , قال :فمن أنا ؟ قالت : أنت رسول الله , قال : أعتقها فإنها مؤمنة .

قال الإمام الدارمي رحمه الله : ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا دليل على أن الرجل إذا لم يعلم أن الله عز وجل في السماء دون الأرض فليس بمؤمن . (الرد على الجهمية ص67)


3- حقيقة قولهم في النبوات :

- والنكتة- الفائدة - الأخيرة أن عند الأشاعرة مذهب أن النبي محمدا لم يعد نبيا ,وشبهتهم في ذلك أن الأعراض(الصفات) التي تكون في حياة الشخص تذهب عند موته إذ أن العرض (الصفة) لا يدوم زمانين , وهذا تعطيل للنبوات .

قال السجزي رحمه الله : ومنها –أي فضائحهم- أن الإيمان والنبوة عرضان يحلان الأجسام في حال الحياة ويزولان عنها بزوال الحياة . (الرد على من أنكر الحرف والصوت)


قال الذهبي في ترجمة ابن فورك من سير أعلام النبلاء (17/216) :" وَنَقَلَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ:أَنَّ السُّلْطَانَ مَحْمُوْداً سأَله عَنْ رَسُوْلِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَقَالَ:كَانَ رَسُوْلُ اللهِ، وَأَمَّا اليَوْم فَلاَ.فَأَمر بِقَتْلِهِ بِالسُّمّ"

وقال أبو إسماعيل الأنصاري رحمه الله في ذم الكلام ص612 :فسقط من أقاويلهم على ثلاثة أشياء : أنه ليس في السماء رب , ولا في الروضة رسول , وما في الأرض كتاب , كما سمعت يحيى بن عمار رحمه الله يحكم به عليهم , وإن كانوا موهوها ووروا عنها واستوحشوا من تصريحها فإن حقائقها لازمة .اه

قال الذهبي في ترجمة ابن الجوزي من سير أعلام النبلاء (21/376 ) :" وقال يوما: أهل الكلام يقولون: ما في السماء رب، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، ثلاث عورات لكم".  اه المراد

, وقد نفى بعض أئمتهم هذا القول أن يكون ابن فورك قال به –أي انتفاء النبوة عن النبي بعد موته- ,  فلا يعتد بنفيهم فهم كذبة متعصبة , وأئمتنا مثل أبي نصر السجزي رحمه الله  أعلم منهم بمذهبهم , و أثبته عليهم أيضا الهروي و ابن الجوزي رحمهم الله  .

قال الإمام أبو سعيد الدارمي رحمه الله في مثل هؤلاء الكذبة : فإن جحد منهم جاحد , وانتفى من بعض ما حكينا عنهم فلا تصدقوهم , فإنه دينهم الذي يعتقدونه في أنفسهم , لا يجحد ذلك منهم إلا متعوذ مستتر , أو جاهل بمذاهبهم , لا يتوجه بشيء منها. (الرد على الجهمية).

وقد أنشد ابو الحسن علي بن ابي بكر الطرازي رحمه الله أبياتا جمعت عوراتهم الثلاث , قال :

... دعوني من حديث بني اللتيا ... ومن قوم بضاعتهم كلام ... تفاريق العصا من كل أوب ... إذا ذكروا وليس لهم إمام ... إذا سئلوا عن الجبار مالوا ... إلى التعطيل وافتضح اللئام ... وإن سئلوا عن القرآن قالوا ... يقول بخلقه بشر كرام ... كلام الله ليس له حروف ... ولا في قوله الف ولام ... ولو قيل النبوة كيف صارت ... لقالوا تلك طار بها الحمام ... إذا قبض النبي فكيف تبقى ... نبوته فديتك والسلام ... فهذا دينهم فاعلم يقينا ... وليس على مهجنهم ملام ... لهم زجل وتوحيد جديد أبى الإسلام ذلك والأنام ... وزمزمة وهينمة وطيش ... كأنهم دجاج أو حمام ... وإزراء بأهل الحق ظلما ... وتلقيب وتشنيع مدام
فتبين من هذا لكل لبيب عِظَمُ شناعة مقالاتهم و فسادها وأنها (مؤدية إلى نفي القرآن أصلا , وإلى التكذيب بالنصوص الواردة فيه والرد لصحيح الأخبار , و رفع أحكام الشريعة , وتعطيل النبوات . فهل بعد هذه الزندقة من زندقة ؟!!) .

ولا يظن القارئ أن للقوم فقط هذه العورات الثلاث , لكني أردت تسليط الضوء على أشنع معتقداتهم ليقف القارئ عليها , ولولا خشية الإطالة لنقلت أقوال العديد من الأئمة في تكفيرهم , لكن أظن أن فيما ذكرت تسويد لوجه كل مخالف .

 والله المستعان

هذا و صل اللهم على سيدنا محمد وسلم




بحث حديث "من أذّن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة"

قال ابن ماجه في سننه : 728- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى , وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلاَّلُ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ : مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً , وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً ، وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلاَثُونَ حَسَنَةً.


قلت : فيه عبدالله بن صالح كاتب الليث , تفرد به عن يحيى بن أيوب , وعبدالله بن صالح كثير الغلط

وقد أعله بهذه العلة الطبراني في الأوسط , فقال بعد روايته للحديث 8733 : لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ إِلَّا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَلَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ "

وكذلك البزار في مسنده 5933 , قال : وهذا الحديث لا نعلَمُ أحَدًا يرويه إلاَّ عَبد الله بن صالح ، عَن يَحْيَى بن أيوب ، عَن ابن جُرَيج ، عَن نافعٍ ، عَن ابن عمر.

وكذلك ابن عدي في الكامل , قال : ولاَ أَعْلَمُ رَوَى عنِ ابن جُرَيج، عَن يَحْيى بن أيوب ويحيى غير أبي صالح.

وقال أبو حاتم الرازي كما في العلل : هَذَا مُنكَرٌ جدًّا.

وقال البيهقي بعد رواية الحديث : وقد رواه يحيى بن المتوكل عن ابن جريج عمن حدثه عن نافع . قال البخاري : وهذا أشبه.اهـ

فالصحيح أن ابن جريج لم يسمعه من نافع , وإنما سمعه عن رجل عن نافع  , وهذا الرجل مبهم لم يذكر اسمه , وهذه علة أخرى

وقال الحاكم في المستدرك : 737 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، ثنا أَبُو الطَّاهِرِ، وَأَبُو الرَّبِيعِ، قَالَا: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَذَّنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَكُتِبَ لَهُ بِكُلِّ أَذَانٍ سِتُّونَ حَسَنَةً وَبِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً»

تفرد به عبدالله بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر , وعبدالله بن لهيعة ضعيف

قال البُخاريُّ: قال الحُميدي، عن يَحيَى بن سَعيد: كان لا يَراه شَيئًا.
قال عبدالرحمن ابن مَهدي : ما أَعتَد بِشَيء سمعتُه مِن حَديث ابن لَهيعَةَ, إِلاَّ سَماع ابن المُبارك ونحوهِ.
((قلت : لا يعني هذا جواز الاحتجاج بحديثه من رواية ابن المبارك فقد  قال عَبد الرَّحمَن بن مَهديّ, وقيل لَه: تَحْمِل عن عَبد الله بن يَزيد القَصير، عن ابن لَهيعَة، فقال عَبد الرَّحمَن : لا أَحمِل عن ابن لَهيعَة قَليلاً ولا كَثيرًا، ثُم قال عَبد الرَّحمَن: كَتَب إِلَي ابن لَهيعَة كِتابًا فيه: حَدثنا عَمرو بن شُعَيب، قال عَبد الرَّحمَن: فَقَرَأتُه على ابن المُبارك، فأَخرَجَه إِلَي ابن المُبارك مِن كِتابه عن ابن لهيعة، قال: أَخبَرني إِسحاق بن أَبي فَروة، عن عَمرو بن شُعَيب))
قال يَحيَى بن مَعِين : ابن لَهيعَة يُكتَب عنه ما كان قَبل احتِراق كُتُبه.
((أقول : أيضا لا يعني التصحيح والاحتجاج البتة , فقد قال عنه : لا يُحتَج بِحَديثه. وقال : عَبد الله بن لَهيعَة الحَضرَميّ, ضَعيفٌ. وقال : لَيس بِقَوي في الحَديث.اهـ أقول : وإنما عنى بقوله : يُكتب عنه . أي للاعتبار والله أعلم)). والاعتبار في عُرف المتقدمين لا يعنون به الجمع بين المتابعات والشواهد لتصحيح الحديث أو تحسينه  بل يعنون : يُنظر في حديثه ويعضد به المعنى العام للباب

ومن صحح الحديث إنما صححه بمجموع الطريقين السابقين , وهذا أمر لا يستقيم مع كون الطريق الأول خطأ أصلا ! , فالخطأ يعني منكر , والمنكر كما قال الإمام أحمد : أبدا منكر .

فالحفاظ قد تواردوا على تضعيفه والحكم بخطئه , والرواية التي أخرجها الحاكم يستحيل أن تخفى عليهم وتظهر للحاكم ويكون بها الحديث صحيحا !

وهم تنكبوا عنها ولم يعتبروا بها لمعرفتهم أنها أيضا خطأ كما تبين .

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

أتممته ولله الحمد
يوم الخميس 13 جمادى الآخرة 1439
قبل صلاة المغرب