الأحد، 27 ديسمبر 2015

كلام جامع لمسائل مهمة في العذر بالجهل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

 

أما بعد

 

فقد خاض الناس في مسألة عذر الجاهل الواقع في الشرك الأكبربجهله بالحق تارة وبالباطل تارات , وهذا نقل محقق عن الإمام ابن القيم رحمه الله في هذه المسألة , سأسلط الضوء بعده على أهمالمسائل التي ذكرها في سياق كلام إن شاء الله :

 

قال الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله في سِفره العظيم طريق الهجرتين :  والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم (وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل) فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين (وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا) فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عنادا أو جهلا وتقليدا لأهل العناد فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد وقد أخبر الله في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعهم وأنهم يتحاجون في النار وأن الأتباع يقولون :"ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون" -إلى أن قال- : فهذا إخبار من الله وتحذير بأن المتبوعين والتابعين اشتركوا في العذاب ولم يغن عنهم تقليدهم شيئا وأصرح من هذا قوله تعالى :"إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا"وصح عن النبي أنه قال :"من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل أوزار من اتبعه لا ينقص من أوزارهم شيئا" وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو بمجرد اتباعهم وتقليدهم .

 

نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه والقسمان واقعان في الوجود فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان –ثم قال بعد أن بين الفرق بين العاجز المعرض والعاجز الطالب للحق- :  (((وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر (فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم) وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة))) وهو مبني على أربعة أصول :

 

أحدها أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه كما قال تعالى :"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" , وقال تعالى :"رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" –ثم قال- : وهذا كثير في القرآن يخبر أنه إنما يعذب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة وهو المذنب الذي يعترف بذنبه وقال تعالى :"وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" , والظالم من عرف ماجاء به الرسول أو تمكن من معرفته بوجه وأما من لم يعرف ما جاء به الرسول وعجز عن ذلك فكيف يقال إنه ظالم ؟

 

الأصل الثاني أن العذاب يستحق بسببين أحدهما الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها الثاني العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد , (وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل) .اهـ المراد

 

فتأمل رحمك الله الكلام السابق فإنه مهم جدا زلت به أقدام وصعب تحريره على أقوام والله الموفق للصواب . 

 

وتأمل تسميته أطفال المشركين ومجانينهم كفارا (ولو كان ثمة قسم ثالث بين الكفر والإسلام لكان هم أولى الناس به) ولو كان المشرك الجاهل يمنع جهله من وصفه بالكفر لكان أطفال المشركين ومجانينهم أولى الناس بذلك .

 

وتأمل في الأصل الثاني وصفه للجاهل بالكفر (مع عدم قيام الحجة عليه وعدم تمكنه من معرفتها) ولينتبه أن الوصف بالكفر في الدنيا لا يلزم منه دخول صاحبه في النار فأهل الفترة يوصفون بالكفر لكن في الآخرة يمتحنون ولهذا قال رحمه الله في الكلام السابق : وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر .. .(يعني أن من ظاهره الإسلام حكم بإسلامه ومن كان ظاهره الكفر حكم بكفره) .

 

وتأمل كلامه حول استحقاق العذاب كيف أن مستحقه هو:

1- من أقيمت عليه الحجة ,

2- الجاهل المتمكن من الحجة (لكنه أعرض عنها) . وأما الغير مستحق للعذاب فقط : هو الجاهل الغير متمكن من الحجة . والأقسام الثلاثة سماهم كفار .

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

 

يوجد سؤال ؟؟؟

الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

التنبيه على أخطاء عقدية في كتاب تدريب الراوي (الأولى)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد 

 

فقد وقفت على أخطاء عقدية في كتاب ((تدريب الراوي للسيوطي في مصطلح الحديث !)) وأستعين بالله في أنقضها وتبيان خللها في حلقات .

 

رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ بِرَحْمَتِكَ يا كَريم

 

قال السيوطي في مقدمة تدريب الراوي : قال شيخ الإسلام ابن حجر في شرح البخاري : المراد بالحديث في عرف الشرع ((ما يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم)) وكأنه أريد به مقابلة القرآن لأنه قديم .

 

قلت وصف القرآن الكريم بأنه قديم خلاف عقيدة أهل السنة ,وهو من عقيدة الأشاعرة الذي بنوه على نفي صفة الكلام الحقيقي عن الله سبحانه وتعالى , وجعلوا القرآن الذي في المصاحف والذي نقرؤه مخلوقا وجعلوا ما سمعه موسى عليه السلام عند الشجرة كلاما مخلوقا في الشجرة !.

 

وأما أهل السنة والجماعة فيثبتون لله سبحانه وتعالى صفة الكلام حقيقة كما أراد الله تعالى , ويستدلون بقوله تعالى "وكلم الله موسى تكليما" وقوله "وإذ نادى ربك موسى" وقوله "وكلمه ربه" وبما رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان" . 

 

وروى الآجري في الشريعة بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه  156قال : ( القرآن كلام الله عز وجل ) فلا تضربوه على آرائكم .

 

وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه 157 قال : يا هناه : تقرب إلى الله عز وجل ما استطعت , فإنك لست تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه .

 

وعن معاوية بن عمار , 158قال : سئل جعفر بن محمد رضي الله عنه عن القرآن : أخالق أم مخلوق ؟ فقال : ليس خالقا ولا مخلوقا , ولكنه كلام الله عز وجل .

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما , 311 قال : "قرآنا عربيا غير ذي عوج"  قال : ( غير مخلوق ).

 

((أثر ابن عباس رضي الله عنهما من صحيفة علي بن أبي طلحة في التفسير والله أعلم))

 

وروى الإمام ابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد بسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه , أنه قال: ( إذا تكلم الله بالوحي ) سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا .

وروى ابن أبي حاتم في تفسيره 276- لقوله تعالى "فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم" , عن قتادة قال : يعلمون أنه كلام الرحمن .

 

وقال ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (12/86) : بل كلام أحمد وغيره من الأئمة صريح في نقيض هذا أي نقيض قول أهل البدع- , وأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته , وأنه لم يزل يتكلم إذا شاء , مع قولهم إن كلام الله غير مخلوق وأنه منه بدأ , ليس مخلوق ابتدأ من غيره , ونصوصهم بذلك  كثيرة معروفة في الكتب الثابتة عنهم .. .اهـ المراد 

 

وقال رحمه الله متحدثا عن الأشاعرة كما في مجموع الفتاوى (12/44) : ومنهم من قال : بل كلامه لا يكون إلا قائما به , وما كان قائما به لم يكن متعلقا بمشيئته وإرادته , (( بل لا يكون إلا قديم العين )) .. .اهـ المراد

 

تنبيه

ربما موَّه الأشاعرة وقالوا القرآن كلام الله غير مخلوق ويقصدون بذلك الكلام النفسي القائم بذات الله .الذي ليس له حرف ولا صوت 

 

قال السجزي رحمه الله في رسالته إلى أهل زبيد ص137 : وقال الأشعري : يجب وصف ( ذاته ) سبحانه بالكلام (( وليس ذلك بحرف ولا صوت )).

فنفى ما نفته المعتزلة وأثبت ما لا يعقل , فهو مظهر خلافهم موافق لهم في الأصل .اهـ

 

أي موافق للمعتزلة بالقول بخلق القرآن ونفي صفة الكلام الحقيقية بحرف وصوت عن الله سبحانه وتعالى .

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

 

كتاب تدريب الراوي يدرس في بعض الجامعات والمعاهد وهذه الإدخالات الأشعرية قلَّ من ينتبه لها , فكتبت ما كتبته نصيحة لطلاب العلم , وأسأل الله أن يبارك فيها .

الجمعة، 13 نوفمبر 2015

تعقيب على أشعرية المحقق ( نور الدين عتر )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد

 

قال نور الدين عتر في تحقيقه لكتاب ( شرح علل الترمذي لابن رجب ) :

 

وذلك أننا يجب أن نفرق ونميز بين أمرين أدى عدم التمييز بينهما إلى الخلط والتطرف الذي أشرنا إليه من المعتزلة , حيث أطلقوا القول بخلق القرآن دون تمييز . وهذان الأمران هما : 

 

أولا : الكلام النفسي الذي هو صفته تعالى , وهذا وصف قديم , لا يقول عاقل : إنه مخلوق , فضلا عن مؤمن فاضل .اهـ

 

قلت : حصر كلام الله بأنه نفسي قديم بدعة أشعرية جهمية

 

كلام نفسي بمعنى أنه يقوم في نفس الله ولا يكون بحرف وصوت والحروف والأصوات المسموعة والمكتوبة يصفونها بأنها : عبارة عن كلام الله .

 

قال السجزي (ت 444) رحمه الله في رسالته إلى أهل زبيد ص138: وقال الأشعري القرآن كلام الله سبحانه والسور والآي ليست بكلام الله سبحانه , وإنما هي عبارة عن كلام الله .اهـ

 

والعبارة عندهم مخلوقة !!

 

قال البيجوري الأشعري : ومذهب أهل السنة (أي الأشاعرة !) أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق , وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلــــــــــــــوق.(جوهرة التوحيد ص94)

 

قال صاحب العقيدة النورية –أثناء ذكر ما وصفوا الله به- : وَالكَلاَمُ المُنَزَّهُ عَنِ الحَرْفِ، وَالصَّوْتِ ) ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، وَالسُّكُوتِ؛ لاِسْتِلْزَامِ جَمِيعِ ذَلِكَ الحُدُوثَ. وَيَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ مَعْلُومَاتِهِ. 

 

إذا كون القرآن الذي بين أيدينا مخلوق محل اتفاق بين الأشاعرة والمعتزلة 

 

قال الجويني : فإن معنى قولهم-أي المعتزلة- هذه العبارات كلام الله : أنها خلقه،ونحن لا ننكر أنها خلق الله !.الإرشاد(ص/117).

 

قال الإمام عبد الله أبا بطين رحمه الله كما في الدرر السنية (3/231) : ... وإنما يقال الخلاف لفظي بين المعتزلة والأشاعرة , لأن المعتزلة يقولون : كلام الله مخلوق . والأشاعرة يقولون : ليس بمخلوق . والكلام عندهم المعنى  أي القائم بالذات  ويقولون : الحروف مخلوقة .

فقالت المعنزلة : لا خلاف بيننا وبينكم , لأن الكلام هو الحروف , فإذا أقررتم أن الحروف مخلوقة ارتفع النزاع , فيكون الخلاف بين الفريقين لفظي .اهـ

فإذا كان الخلاف لفظيا فإن ذم السلف للمعتزلة الجهمية في هذه المسألة منصب أيضا على الأشاعرة !!

 

قال العظيم ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (12/579) : ولهذا جهم الإمام أحمد وغيره من أنكر ذلك , قال عبد الله بن أحمد : قلت لأبي : إن أقواما يقولون : (( إن الله لا يتكلم بصوت )) . فقال : هؤلاء جهمية ؛ إنما يدورون على التعطيل .اهـ

 

قال بعدها : وكذلك (( البخاري )) ترجم في صحيحه بابا في قوله "حتى إذا فزع عن قلوبهم" بيَّنَ فيه الحجة على أن الله يتكلم بصوت .اهـ

 

وقال المحقق : الأمر الثاني : القرآن الذي هو قراءتنا , وكتابتنا وطبعنا لمصاحفه , وهذا الذي قال الإمام البخاري فيه : مخلوق , حيث قال : (( قراءتنا من أفعالنا , وأفعالنا مخلوقة )) .اهـ

 

قلت : أين قال البخاري : القرآن الذي هو (قراءتنا) , وكتابتنا وطبعنا لمصاحفه مخلوق ؟!.

 

سبحان مقسم الأفهام !

 

البخاري يقرر أن أفعالنا حركات ألسننا وصوت حلوقنامخلوقة , وأما القرآن فليس بمخلوق (( سواء كتب أو تُلِيَ أو حفظ )).

قَالَ رحمه الله في كتابه (خلق أفعال العباد: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: مَا زِلْتُ أَسْمَعُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ: «إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ البخاري - : " حَرَكَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُهُمْ وَاكْتِسَابُهُمْ وَكِتَابَتُهُمْ مَخْلُوقَةٌ، (( فَأَمَّا الْقُرْآنُ الْمَتْلُوُّ الْمُبَيَّنُ الْمُثَبَّتُ فِي الْمُصْحَفِ الْمَسْطُورُ الْمَكْتُوبُ الْمُوعَى فِي الْقُلُوبِ )) فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِخَلْقٍ ، قَالَ اللَّهُ: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} " وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: «فَأَمَّا الْأَوْعِيَةُ فَمَنْ يَشُكُّ فِي خَلْقِهَا؟» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} ، وَقَالَ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}  «، فَذَكَرَ أَنَّهُ يُحْفَظُ وَيُسْطَرُ» . قَالَ: {وَمَا يَسْطُرُونَ} .اهـ

 

ومن الغريب سعي الأشاعرة إلى إلباس الإمام البخاري .... المتكلمين !! مع أنه منزه بعيد كل البعد عن أهل الكلام وأوضارهم , وكتاب التوحيد من صحيحه يشهد بذلك 

 

بل قال بعضهم أن البخاري استفاد المسائل (( الكلامية )) أكثرها من الكرابيسي وابن كلاب !!  هكذا قال !! 

 

وهذا افتراء على عباد الله لا يرضاه الله وتغني حكايته في تكذيبه عن الرد عليه ولكن القوم يتمسكون بأصغر قشة  إن وجدوا - .

 

 

فبالله عليك كيف يكون الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الذي سارت الركبان بفضله وجلالة قدره مستفيدا آخذا من سقط خلق الله ابن كلاب والكرابيسي !!

 

وهذه الادعاءات ليس لها زمام ولا خطام وإنما هي قدح من عقول أصحابها , ولو كان الإمام البخاري كما قالوا وحاشاه  لرأيت الأئمة أئمة أهل الحديث والسنة يطعنون عليه بذلك , ولا يبجلونه ويقدمونه في الحديث والسنة كما هو حاصل , إلا ما كان في الفتنة (فتنة اللفظ وما وقع بينه وبين الإمام محمد بن يحيى الذهلي) والحق فيها واضح ولله الحمد فقد صنف بعدها كتاب "خلق أفعال العباد" وذكر فيه اعتقادهوروى من الأحاديث و الآثار ما تشيب له نواصي الأشاعرة الجهمية . 

 

ووما ورد في ذم الكرابيسي وابن كلاب :

 

قال الهروي في ذم الكلام 1215: أخبرني يحيى بن الفضيل , أخبرنا الحسن بن محمد بن الحسن بن نصر , حدثنا يعقوب بن إسحاق , سمعت عثمان بن سعيد يقول : ما خاض في هذا الباب أحد ممن كانوا يذكرون إلا سقط , فذكر الكرابيسي , فسقط حتى لا يذكر .. .الخ

 

1265- أخبرنا أحمد بن محمد بن العباس بن إسماعيل المقري , أخبرنا محمد بن عبدالله البيع , سمعت أبا سعيد عبدالرحمن بن محمد المقرئ , قال : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة , يقول : من نظر في كتبي المصنفة في العلم ظهر له وبان أن الكلابية لعنهم الله كذبة فيما يحكون عني مما هو خلاف أصلي وديانتي 

 

1302- وسمعت عبدالواحد بن ياسين المؤدب أبا جعفر يقول : رأيت بابين قلعا من مدرسة أبي الطيب بأمره من بَيْتَي شابين حضرا أبا بكر بن فورك .

 

1345- أخبرت عن أحمد بن محمد بن الطاهر المعافري أبي العباس , قال : سمعت أبا عبدالله الحافظ ابن منده بأصبهان رحمه الله يقول : ليتق امرؤ , وليعتبر بمن تقدم ممن كان القول باللفظ مذهبه ومقالته , كيف خرج من الدنيا مهجورا مذموما مطرودا من المجالس والبلدان , لاعتقاده القبيح وقوله الشنيع المخالف لدين الله , مثل : (( الكرابيسي )) , والشواط , (( وابن كلاب )) , وابن الأشعري , وأمثالهم ممن كان الجدال والكلام طريقه في دين الله عز وجل .

 

قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (8/611) وحديث الكرابيسي يعز جدا وذلك أن أَحْمَد بن حنبل كَانَ يتكلم فيه بسبب مسألة اللفظ، وكان هو أيضا يتكلم فِي أَحْمَد، فتجنب الناس الأخذ عنه ) لهذا السبب.اهـ

 

أي أن الإمام أحمد لما تكلم فيه سقط 

 

قال صاحب بحر الدم 1290 : الكرابيسي :.... وقال إسحاق بن إبراهيم: سمعته يقول: أخزى الله الكرابيسي، لا يجالس ولا يكلم، ولا تكتب كتبه، ولا تجالس من يجالسه.

وقال في رواية شاهين بن السميدع : الحسين الكرابيسي عندنا كافر.اهـ

 

 

وأخيرا 

 

قال في الدرر الكامنة (6/230) : شرع المزي يقرأ كتاب (( خلق أفعال العباد للبخاري )) وفيه فصل في الرد على الجهمية فغضب بعض الفقهاء وقالوا نحن المقصودون بهذا فبلغ ذلك القاضي الشافعي يومئذ فأمر بسجنه فتوجه ابن تيمية وأخرجه من السجن فغضب النائب فأعيد ثم أفرج عنه وأمر النائب - وهو الأفرم - بأن ينادى بأن من يتكلم في العقائد يقتل !!!.

 

قلت : الفقهاء كانوا أشاعرة .. فتأمل !!

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

الاثنين، 19 أكتوبر 2015

سقطة عظيمة لمحقق (نقض الدارمي)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

 

أما بعد

 

فهذه نفثة خبيثة وخزية أشعرية قررها الشهرستاني في كتابه نهاية الإقدام , والموجب لبيان سوءة هذه الطامة والرد عليها أنني وجدتها في حاشية كتاب الإمام أبي سعيد الدارمي المسمى "نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله من التوحيد" من تحقيق أبي مالك الرياشي – سدده الله – مذكورة غير متعقبة !

 

قال الشهرستاني في كتاب نهاية الإقدام ص74 : وقد قيل أن التعطيل ينصرف إلى وجوه شتى فمنها تعطيل الصنع عن الصانع ومنها تعطيل الصانع عن الصنع (ومنها تعطيل الباري سبحانه عن الصفات الأزلية الذاتية القائمة بذاته ومنها تعطيل الباري سبحانه عن الصفات والأسماء أزلاًومنها تعطيل ظواهر الكتاب والسنة عن المعاني التي دلت عليها .اهـ

 

قوله : (ومنها تعطيل الباري سبحانه عن الصفات الأزلية الذاتية القائمة بذاته ومنها تعطيل الباري سبحانه عن الصفات والأسماء أزلاً)

 

معنى كلامه :

لم يثبت لله سبحانه وتعالى صفاتا فعلية ! بل قال : الصفات الأزلية الذاتية .

 

وهذا مبني على العقيدة التي ورثوها من جهم في نفي قيام الأفعال في ذات الله سبحانه وتعالى , إذ أنهم يقررون أن الأفعال لا تقوم إلا بمخلوق , ولو قام فعل في ذات الله لكان مخلوقا !! فيقولون : ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث . والحوادث عندهم هي الأفعال .

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/378) : الأصل الثاني نفيهم أن تقوم به أمور تتعلق بقدرته ومشيئته ويسمون ذلك حلول الحوادث فلما كانوا نفاة (لهذا امتنع عندهم أن يقوم به فعل اختياري يحصل بقدرته ومشيئته) لا لازم ولا متعد لا نزول ولا مجيء ولا استواء ولا إتيان ولا خلق ولا إحياء ولا إماتة ولا غير ذلك .اهـ

 

وقال رحمه الله (13/131) : والجهمية والمعتزلة مشتركون في نفي الصفات , (وابن كلاب ومن تبعه كالأشعري والقلانسي ومن تبعهم أثبتوا الصفات لكن لم يثبتوا الصفات الاختيارية) مثل كونه يتكلم بمشيئته , ومثل كون فعله الاختياري يقوم بذاته , ومثل كونه يحب ويرضى عن المؤمنين بعد إيمانهم , ويغضب ويبغض الكافرين بعد كفرهم , ومثل كونه يرى أفعال العباد بعد أن يعملوها , وكما قال تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" (فأثبت رؤية مسنقبلة) ...والقرآن فيه مئون من الآيات تدل على هذا الأصل, وأما الأحاديث فلا تحصى .اهـ المراد

 

واستدل عليهم رحمه الله بآيات بينات تنقض بنيانهم

 

فقال في درء تعارض العقل والنقل (1/293) : وأمثال ذلك كثير في كتاب الله تعالى بل يدخل في ذلك عامة ما أخبر الله به من أفعاله لا سيما المرتبة كقوله تعالى : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } وقوله : { فسنيسره لليسرى } وقوله : { إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم } وقوله : { إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه } وقوله : { فسوف يحاسب حسابا يسيرا } وقوله : { أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا } وقوله تعالى : { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } وقوله { ألم نهلك الأولين * ثم نتبعهم الآخرين } ونحو ذلك .اهـ

 

وليعلم أن نفي قيام الأفعال في ذات الله هذه البدعة هي مبدأ ضلال جهم , وقد وصفها شيخ الإسلام رحمه الله بأنها هي ( ينبوع البدع ) كما في منهاج السنة (1/312) فقال عن ابن كلاب : لكن سلم لهم أي للجهمية - ذلك الأصل الذي هو ينبوع البدع فاحتاج لذلك أن يقول إن الرب لا تقوم به الأمور الاختيارية ولا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا نادى موسى حين جاء الطور بل ولا يقوم به نداء حقيقي ولا يكون إيمان العباد وعملهم الصالح هو السبب في رضاه ومحبته ولا كفرهم هو السبب في سخطه وغضبه فلا يكون بعد أعمالهم لا حب ولا رضا ولا سخط ولا فرج ولا غير ذلك مما أخبرت به نصوص الكتاب والسنة .اهـ

 

ومما سبق أخي القارئ تبين لك شدة سوء هذا النقل الذي سُوِّدَت به حاشية كتاب نقض الإمام الدارمي رحمه الله , والذي كان المحقق – سدده الله – في غنى شديد عنه ! 

 

ثم إن النقل عن الشهرستاني وإن كان حقا فكيف يستفاد من كلاممَن غالب كتاب النقض رد عليه في خدمة كتاب النقض نفسه ؟! فكيف وقد حوى كل هذا الباطل ؟! فتأمل

 

وأسأل الله الكريم أن ييسر مقالا قادما أبين فيه خطأً آخراً في نفس التحقيق !!

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

 

قبيل فجر يوم الاثنين

6 محرم 1437

 

 

الخميس، 15 أكتوبر 2015

غربة التوحيد (مصر)

أكثر الناس قد جهلوا سبب خلق الله لهم من توحيده وإفراده في العبادة واتبعوا ما رسمه لهم إبليس من سبل الشرك والغواية فلقد "صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين" , وهذه حادثتين يرويهما المؤرخ عبدالرحمن بن حسن الجبرتي تظهر جليا ما بلغ الإسلام من غربة وما تفشّى بين كثير من منتسبيه من الشرك الصريح والمحادة لله ورسوله , قال الجبرتي في عجائب الآثار (1/108) :

 

من الحوادث الغريبة في أيامه أيضاً أن في يوم الأربعاء رابع عشري الحجة آخر سنة 1147 أشيع في الناس بمصر بأن القيامة قائمة يوم الجمعة سادس عشري الحجة ، وفشا هذا الكلام في الناس قاطبة حتى في القرى والأرياف ، وودع الناس بعضهم بعضاً ويقول الإنسان لرفيقه : بقي من عمرنا يومان ، وخرج الكثير من الناس والمخاليع الغيطان والمنتزهات ويقول بعضهم لبعض : دعونا نعمل حظاً ونودع الدنيا قبل أن تقوم القيامة . وطلع أهل الجيزة نساء ورجالاً وصاروا يغتسلون في البحر . ومن الناس من علاه الحزن وداخله الوهم ، ومنهم من صار يتوب من ذنوبه ويدعو ويبتهل ويصلي ، واعتقدوا ذلك ، ووقع صدقه في نفوسهم . ومن قال لهم خلاف ذلك أو قال هذا كذب لا يلتفتون لقوله ويقولون هذا صحيح وقال فلان اليهودي فلان القبطي وهما يعرفان في الجفور والزايرجات ولا يكذبان في شيء يقولانه. وقد أخبر فلان منهم على خروج الريح الذي خرج في يوم كذا، وفلان ذهب إلى الأمير الفلاني وأخبره بذلك وقال له أحبسني إلى يوم الجمعة، وأن لم تقم القيامة فأقتلني ونحو ذلك من وساوسهم وكثر فيهم الهرج والمرج إلى يوم الجمعة المعين المذكور. فلم يقع شيء. ومضى يوم الجمعة وأصبح يوم السبت فانتقلوا يقولون فلان العالم قال أن سيدي أحمد البدويوالدسوقي والشافعي تشفعوا في ذلك وقبل الله شفاعتهم. فيقول الآخر: اللهم أنفعنا بهم فأننا يا أخي لم نشبع من الدنيا وشارعون نعمل حظاً , ونحو ذلك من الهذيانات .اهـ

وقال ( : وفي أواخر شوال ورد آغا من الدولة وعلى يده مرسومات، منها محاسبة خليل باشا واستعجال الخزينة وبيع بلاد من قتل في أيام الفتنة وكذلك أملاكهم . وفي شهر رمضان قبل ذلك جلس بجامع المؤيد ، فكثر عليه الجمع وأزدحم المسجد وأكثرهم أتراك، ثم أنتقل من الوعظ وذكر ما يفعله أهل مصر بضرايح الأولياء وإيقاد الشموع والقناديل على قبور الأولياء وتقبيل أعتابهم ، وفعل ذلك كفر يجب على الناس تركه ، وعلى ولاة الأمور السعي في أبطال ذلك . وذكر أيضاً قول الشعراني في طبقاته أن بعض الأولياء أطلع على اللوح المحفوظ أنه لا يجوز ذلك ولا تطلع الأنبياء فضلاً عن الأولياء على اللوح المحفوظ ، وأنه لا يجوز ذلك ولا تطلع الأنبياء فضلاً عن والتكايا، ويجب هدم ذلك . وذكر أيضا وقوف الفقراء بباب زويلة في ليالي رمضان. فلما سمع حزبه ذلك خرجوا بعد صلاة التروايح ووقفوا بالنبابيت والأسلحة، فهرب الذين يقفون بالباب ، فقطعوا الجوخ والأكر المعلقة وهم يقولون : أين الأولياء . فذهب بعض الناس إلى العلماء بالأزهر ) وأخبروهم بقول ذلك الواعظ وكتبوا فتوى وأجاب عليها الشيخ أحمد النفراوي والشيخ أحمد الخليفي بأن كرامات الأولياء لا تنقطع بالموت ، وأن إنكاره على اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ لا يجوز ، ويجب على الحاكم زجره !!.اهـ

 

فتأمل أخي القارئ حال هؤلاء المذكورين في القصتين السالفتيالذكر ثم تأمل حال مشركي قريش خلال عهد النبوة لتخلص حينها وقوع ما أخبر به من لا ينطق عن الهــوى صلى الله عليه وسلم حين قال : بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ . 

 

هذه الحلقة الأولى من سلسلة (غربة التوحيد) أكتبها بيانا لما وقع فيه كثير ممن ينتسب إلى الإسلام اليوم ولا يعرفون من الإسلام إلا اسمه والله الموفق .

 

 

 

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

قاعدة مهمة في الأسماء والصفات .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد 

 

فهذه قاعدة مهمة ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله في الرسالة التدمرية

 

وهي أن نفي صفة النقص عن الله تعالى لا يكون مدحا إلا إذا أثبتنا كمال ضدها

 

قال شيخ الإسلام رحمه الله : وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتا .

 

وقال : فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنا لإثبات مدح .

 

وقال : وإذا تأملت ذلك وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفسه .

 

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح العقيدة السفارينية هل الله تعالى متصف بصفات هي نفي محض ؟

الجواب : لا ،

صفات الله تعال المنفية متضمنة لثبوت كمال فيجب أن نؤمن بأنها متضمنة لثبوت كمال ،

لأنها يراد بها بيان كمال الصفة المضادة فلا يظلم الله شيئاً ،

"إن الله لا يظلم الناس شيئا" ، لكمال عدله ،

فهذا النفي إنما هو من أجل كمال الضد ،

قد يكون في الإنسان عدل لكن يكون فيه أيضاً ظلم ،

فيقال : فلان عدل ، لكن ظلم في القضية الفلانية ،

فلا ينتفي عنه الظلم .انتهى

 

وللمزيد من البيان نضرب مثالين :

 

مثال1 : قال تعالى "لا تأخذه سنة ولا نوم" فنفى السنة(النوم الخفيف) والنوم فهاتين صفتي نقص منفيتين يلزم من نفيهما عن الله تعالى إثبات كمال ضدهما , فنثبت كمال الحياة والقيومية لله تعالى .

 

مثال2 : قال تعالى "ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب" فنفى الله تعالى عن نفسه اللغوب(التعب والإعياء) إذاً نثبت لله من هذا النفي كمال القدرة والقوة .

 

فائدة مهمة : نفي الظلم عن الله لأنه حرمه على نفسه وليس لأنه غير قادر عليه , فإن الله تعالى قال كما في الحديث القدسي "إني حرمت الظلم على نفسي" قال : ((حرمت)) , ولو كان سبحانه غير قادر عليه ؛ فكيف يحرم على نفسه سبحانه ما هو ليس بقادر عليه ؟!!!

 

وأما أهل الكلام فينفون قدرة الله على الظلم (فتأمل الخطل) .

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

 

 

 

أقسام المضافات إلى الله تعالى .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد

 

فإن المضافات إلى الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى ثلاثة أقسام 

 

1- إضافة صفة إلى موصوف : (خلقت بيدي) , (تجري بأعيننا) , (يضع فيها قدمه)

 

2- إضافة تشريف : (ناقة الله) , (بيوت الله) .

 

3- إضافة إيجاد : أعداء الله  

 

نعرف أن المضاف صفة لله بكونه لا يقوم بنفسه كالعلم واليد والعين (إضافات تحتاج إلى شخص لتقوم به)

 

ونعرف أنه إضافة تشريف أو إيجاد بكون المضاف يقوم بنفسه كالبيت والناقة والإنس والجن (إضافات لا تحتاج إلى شخص لتقوم به) .

 

ونفرق بين التشريف والإيجاد بـــــ : أن هناك مضافات إلى الله لا نستطيع أن نقول أن الله شرفها كـــ : أعداء الله , منكرو الإله ..

 

وللمزيد من الإيضاح

 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب (الروح) : فَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن الْمُضَاف إِلَى الله سُبْحَانَهُ نَوْعَانِ 

 

1- صِفَات لَا تقوم بأنفسها كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة وَالْكَلَام والسمع وَالْبَصَر فَهَذِهِ إِضَافَة صفة إِلَى الْمَوْصُوف بهَا فَعلمه وَكَلَامه وإرادته وَقدرته وحياته صفات لَهُ غير مخلوقة وَكَذَلِكَ وَجهه وَيَده سُبْحَانَهُ .

 

2- وَالثَّانِي إِضَافَة أَعْيَان مُنْفَصِلَة عَنهُ كالبيت والناقة وَالْعَبْد وَالرَّسُول وَالروح فَهَذِهِ إِضَافَة مَخْلُوق إِلَى خالقه ومصنوع إِلَى صانعه لَكِنَّهَا إِضَافَة (تَقْتَضِي تَخْصِيصًا وتشريفا يتَمَيَّز بِهِ الْمُضَاف عَن غَيره) كبيت الله وَإِن كَانَت الْبيُوت كلهَا ملكا لَهُ وَكَذَلِكَ نَاقَة الله والنوق كلهَا ملكه وخلقه (لَكِن هَذِه إِضَافَة إِلَى إلهيته تَقْتَضِي محبته لَهَا وتكريمه وتشريفه , بِخِلَاف الْإِضَافَة الْعَامَّة إِلَى ربوبيته حَيْثُ تَقْتَضِي خلقه وإيجاده) فالإضافة الْعَامَّة تَقْتَضِي الإيجاد والخاصة تَقْتَضِي الِاخْتِيَار وَالله يخلق مَا يَشَاء ويختار مِمَّا خلقه كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار} ... فَتَأمل هَذَا الْموضع فَإِنَّهُ يخلصك من ضلالات كَثِيرَة وَقع فِيهَا من شَاءَ الله من النَّاس .انتهى

 

تأمل قوله رحمه الله :

1- فالإضافة العامة تقتضي الإيجاد . (أي إضافة إيجاد)
2- والخاصة تقتضي الاختيار . (أي إضافة تشريف . اختيار للتشريف)

 

وممن زل في هذه المسألة

 

الجهمية : زعموا أن كل ما أضيف لله فهو إضافة مخلوق إلى خالق , فإن قلت علم الله وكلام الله , قالوا هي مثل بيت الله وناقة الله !! (وهذا مبني على نفيهم للصفات)

 

الصوفية : زعموا أن كل ما أضيف لله فهو من إضافة صفة إلى موصوف . فإن قلت بيت الله وناقة الله ’ قالوا : هي مثل يد الله وعلم الله !! (وهذا مبني على قولهم بوحدة الوجود) 

 

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

 

 

الجمعة، 2 أكتوبر 2015

فائدة في : الألفاظ المجملة وموقف السلف منها .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

 

أما بعد

 

فإن من عادة أهل السنة والجماعة تحري الألفاظ الشرعية في مقالاتهم واجتناب الألفاظ المبتدعة والموهمة والمجملة .

 

قال شيخ الإسلام رحمه الله في درء التعارض : فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل ويراعون أيضا الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه إلى البدعة أيضا وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ورد باطلا بباطل .اهـ

 

وهذا كلام مهم في التحذير من الألفاظ المحدثة (وبيان موقف السلف منها)

 

قال أيضا رحمه الله كما في مجموع الفتاوى : وما تنازع فيه المتأخرون نفيا وإثباتا فليس على أحد بل ولا له أن يوافق أحدا على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه بل يوقف اللفظويفسر المعنى كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك .اهـ

 

أي أن اللفظ المحدث كالجهة والتحيز فإنه لم يرد في الشرع نفيه ولا إثباته , 

 

فعلينا : أن نرد اللفظ ولا نقبله ونستفصل عن المعنى .

 

وبيانه ما :

 

قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تقريب التدمرية : ولذلك أمثلة منها:

المثال الأول: الجهة: أي لو قال قائل: إن الله في جهة، أو هل لله جهة؟

فيقال له: لفظ "الجهة" ليس في الكتاب والسنة إثباته ولا نفيه، فليس فيهما أنه في جهة، أو له جهة، ولا أنه ليس في جهة، أو ليس له جهة، وفي النصوص ما يغني عنه كالعلو، والفوقية، والاستواء على العرش، وصعود الأشياء إليه ونزولها منه.

وقد اضطرب المتأخرون في إثباته ونفيه.

فإذا أجريناه على القاعدة قلنا:

- أما اللفظ فلا نثبته ولا ننفيه لعدم ورود ذلك.

- وأما المعنى فنرى ماذا يراد بالجهة؟

أيراد بالجهة شيء مخلوق محيط بالله عز وجل؟!! فهذا معنى باطل لا يليق بالله سبحانه، فإن الله لا يحيط به شيء من مخلوقاته، فقد وسع كرسيه السموات والأرض، ولا يؤوده حفظهما، ولا يمكن أن يكون داخل شيء من مخلوقاته.

أم يراد بالجهة ما فوق العالم؟ فهذا حق ثابت لله عز وجل، فإن الله تعالى فوق خلقه عال عليهم، كما دل على ذلك الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة، وفي صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجارية كانت له: "أين الله؟ " قالت: في السماء. قال: "من أنا؟ " قالت: أنت رسول الله. قال: "أعتقها فإنها مؤمنة".

 

المثال الثاني: الحيز أو المتحيز:

فإذا قال قائل: هل نصف الله تعالى بأنه متحيز أو في حيز؟

قلنا: لفظ "التحيز" أو "الحيز" ليس في الكتاب والسنة ثابتة ولا نفيه عن الله تعالى، فليس فيهما أنه في حيز، أو متحيز، ولا أنه ليس كذلك، وفي النصوص ما يغني عنه مثل الكبير المتعال.

وقد اضطرب المتأخرون في إثبات ذلك لله تعالى أو نفيه عنه.

فإذا أجريناه على القاعدة قلنا:

- أما اللفظ فلا نثبته ولا ننفيه لعدم ورود السمع به.

- وأما المعنى؛ فينظر ماذا يراد بالحيز أو المتحيز؟

أيراد به أن الله تعالى تحوزه المخلوقات وتحيط به؟! فهذا معنى باطل منفيٌّ عن الله تعالى لا يليق به ، فإن الله أكبر وأعظم وأجل من أن تحيط به المخلوقات وتحوزه كيف وقد وسع كرسيه السموات والأرض، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه؟! وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السموات بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض؟ ". وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم".

 

أم يراد بالحيز أو المتحيز: أن الله منحاز عن المخلوقات أي مباين لها منفصل عنها ليس حالاً فيها، ولا هي حالة فيه ، فهذا حق ثابت لله عز وجل ، كما قال أئمة أهل السنة: هو فوق سمواته على عرشه، بائن من خلقه .اهـ

 

فيرد اللفظ الموهم ويستفصل عن معناه :

فيقبل الحق إن كان هو المراد , 

ويرد الباطل إن كان هو المراد .

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد