الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015

التنبيه على خطأ عقدي في كتاب الفقه المنهجي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ,,

 

أما بعد

 

فقد وقفت أثناء قراءتي لكتاب (الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي) على خطإ عقدي ومخالفةٍ لأهل السنة في إثبات صفة الكلام لله سبحانه وتعالى فرأيت أن أنقضها بأسلوب ميسر فيه تعليم للمبتدئ وإفادة للمتوسط , بإذن اللهتعالى .

 

رب يسر وأعن برحمتك يا كريم

 

 

قال المؤلف (3/7) في معرض كلامه عن أحوال انعقاد اليمين من عدمه : وإن قال : أقسم بقدرة الله تعالى، أو علمه، أو كلامه انعقد كلامه يميناً بشرط أن لا يقصد بالعلم : المعلوم، وبالقدرة، المقدور، وبالكلام: الحروف والأصوات.

فإن قصد ذلك لم ينعقد كلامه يميناً، لأن معلوم الله ومقدوره والحروف والأصوات، ليس شيء منها داخلاً في ذات الله عزّ وجلّ، أو إحدى صفاته .اهـ 

 

أقول :

 

أولا : قول أهل السنة في صفة الكلام :

 

إن من قول أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بكلام حقيقي بحروف وأصوات غير مخلوقة متى شاء كيف شاء .

 

قال تعالى :"وكلم الله موسى تكليما" وقال :"ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه" وقال :"حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير" .

 

وروى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان" . 

 

وروى الآجري في الشريعة بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 156قال القرآن كلام الله عز وجل فلا تضربوه على آرائكم .

 

وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه 157 قال : يا هناه : تقرب إلى الله عز وجل ما استطعت , فإنك لست تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه .

وعن معاوية بن عمار , 158قال : سئل جعفر بن محمد رضي الله عنه عن القرآن : أخالق أم مخلوق ؟ فقال : ليس خالقا ولا مخلوقا , ولكنه كلام الله عز وجل .

 

وروى الإمام ابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد بسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه , أنه قال: إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا . 

 

وروى اللالكائي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما , 311 قال : "قرآنا عربيا غير ذي عوج"  قال : غير مخلوق .

 

وروى ابن أبي حاتم في تفسيره 276- لقوله تعالى "فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم" , عن قتادة قال : يعلمون أنه كلام الرحمن .

 

ثانيا : بيان غلط المؤلف ونقضه :

 

إن قول المؤلف والحروف والأصوات، ليس شيء منها داخلاً في ذات الله عزّ وجلّ، أو إحدى صفاته .اهـ

 

يقصد به : أن الله سبحانه وتعالى متصف بالكلام (لكن كلامه ليس بحرف وصوت وإنما هو كلام نفسي) وليس بكلام حقيقي !! , والكلام الذي يسمعه جبريل عليه السلام إذا أوحي إليه , والذي سمعه موسى عليه السلام عند الشجرة مخلوق .

 

وهذه عقيدة الأشاعرة بعينها

 

قال البيجوري الأشعري في جوهرة التوحيد ص94 :  القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلــــــــــــــوق.

 

و قال الرازي الأشعري في الأربعين ص177 : إنه تعالى إذا أراد شيئا أو كره شيئا خلق هذه الأصوات المخصوصة في جسم من الأجسام لتدل هذه الأصوات على كونه تعالى مريدا لذلك الشيء المعين أو كارها له .

 

وهذا تصريح منهما –أئمة الأشاعرة- بالقول بخلق القرآن !

 

وإن –زعمهم- إثبات صفة الكلام مع تفسيرهم لها بأنها كلام نفسي بلا حرف ولا صوت فهذا استقفاء وتمويه لما يبطنونه من القول بخلق القرآن , فإنه من المعلوم عند ذوي العقول أن الكلام إذا أطلق لا يقصد به إلا ما كان من حرف وصوت وأما الكلام النفسي أو حديث النفس- فإنه لا يقصد إلا إذا كان مضافا ؛ كأن يقال : قلت في نفسي , أو : زورت في نفسي , ومنه قول الله تعالى عن يوسف عليه السلام :"فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون" أي أنه : قال ما قاله : في نفسه وليس بصوت يسمعونه .

قال الإمام السمعاني رحمه الله في تفسيره : ومعناه : أسر الكلمة في نفسه  , وتلك الكلمة "أنتم شر مكانا" ولم يصرح بهذا القول .اهـ

 

وقال الإمام أبو نصر السجزي رحمه الله في رسالته إلى أهل زبيد ص86 : وأن توردوا الحجة على أن الكلام لن يعرى عن حرف وصوت البتة , وأن ما عري عنهما لم يكن كلاما في الحقيقة وإن سمي في وقت بذلك تجوزا واتساعا .اهـ

 

وهذه البدعة ألا وهي إثبات كلام عرِيٌّ عن الحرف والصوت لم يُسبَق إليها هؤلاء الأشاعرة .

 

قال السجزي رحمه الله في رسالته ص109 : وأن أحدا من الأمة قبل خصومنا هؤلاء ما عرف قرآنا ينقري ولا يدخله الحرف والصوت , والأشعري أيضا لم يعرف ذلك , وإنما حمله على ما قال التحير مع قلة الحياء .اهـ

 

فإذا تبين هذا فليعلم أن منكري صفة الكلام على خطر عظيم , وذلك أن أئمةالسلف أجمعوا على كفر منكر صفة الكلام ورميه بالتجهم .

 

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما في (طبقات الحنابلة ج1 ص29) : والقرآن كلام الله , تكلم به ليس بمخلوق , ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر. 

 

وقال الإمام حرب الكرماني في عقيدته التي نقل إجماع أهل السنة عليها : والقرآن كلام الله ليس بمخلوق , فمن زعم أن القرآن مخلوق : فهو جهمي كافر .

 

قال عبدالله في السنة 19 - حدثني غياث بن جعفر ، قال : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : القرآن كلام الله عز وجل ، من قال : مخلوق ، فهو كافر ، ومن شك في كفره فهو كافر .

 

وقال الخلال في السنة 1826- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ؛ قال : سمعت أبا عبد الله وذكر عنده كلام الناس في القرآن أنه مخلوق . فقال : كفر ظاهر كفر ظاهر .

 

1827- أخبرني حرب قال : سألت إسحاق بن راهويه قلت : يا أبا يعقوب ! أليس تقول : القرآن كلام الله تكلم الله به ليس بمخلوق ؟ قال : نعم القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، ومن قال أنه مخلوق فهو كافر . 

 

 

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

 

 

تنبيه : 

 

وقد أخطأ المؤلف بإطلاق المخلوقية على مقدور الله وأنها ليست من ذاته  : وذلك لأن من مقدور الله صفاته الفعلية وهي ليست بمخلوقة !!.

 

وكذلك قال عن معلوم الله : وذلك لأن من معلوم الله كلامه ومنه أسماؤه وهما ليسا بمخلوقين !!.

 

لكن أرجأت نقض مثل هذا الكلام إلى آن آخر إن شاء الله- تجنبا لتشتيت المعلومات والله الموفق .

 

 


 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق