الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

فصل : في بيان حقيقة مشابهة الأشعرية للجهمية في تعريف الإيمان

بعد قراءة طلاب علم للمقال السابق طرح بعضهم إشكالا حول التفريق بين التصديق عند الأشعرية والمعرفة عند الجهمية في تعريفهم للإيمان , مما دعاني لكتابة هذا الفصل لإزالة الإشكال

( فصل : في بيان حقيقة مشابهة الأشعرية للجهمية في تعريف الإيمان )

قال الشهرستاني الأشعري : واختلف جواب أبي الحسن رحمه الله في معنى التصديق فقال مرة هو ((المعرفة)) بوجود الصانع وإلاهيته وقدمه وصفاته وقال مرة التصديق قول في النفس يتضمن المعرفة .. .اهـ المراد (1) 

وقال : قال أبو المعاليالجويني الأشعري- : باب في ذكر الأسماء والأحكام  ... وأما مذاهب أصحابنا فصار أهل التحقيق من أصحاب الحديث والنظار منهم إلى أن الإيمان هو التصديق , وبه قال شيخنا أبو الحسن رحمة الله عليه واختلف رأيه في معنى التصديق وقال مرة : ((المعرفة بوجوده وقدمه وإلهيته)) وقال مرة : التصديق قول في النفس غير أنه ((يتضمن المعرفة)) ولا يصح أن يوجد دونها .اهـ (2)

قال ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى : وأيضا فإن الفرق بين معرفة القلب وبين مجرد تصديق القلب الخالي عن الانقياد الذي يجعل قول القلب أمر دقيق , وأكثر العقلاء ينكرونه , وبتقدير صحته لا يجب على كل أحد أن يوجب شيئين لا يتصور الفرق بينهما , وأكثر الناس لا يتصورون الفرق بين معرفة القلب وتصديقه , ويقولون إن ما قاله ابن كلاب والأشعري من الفرق كلام باطل لا حقيقة له , وكثير من أصحابه اعترف بعدم الفرق .اهـ (3) 

وقال : والمرجئة ثلاثة أصناف الذين يقولون : الإيمان مجرد ما في القلب , ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب وهم أكثر فرق المرجئة كما قد ذكر أبو الحسن الأشعري أقوالهم في كتابه , وذكر فرقا كثيرة يطول ذكرهم لكن ذكرنا جمل أقوالهم , ومنهم من لا يدخلها في الإيمان كجهم ومن اتبعه كالصالحي ((وهذا الذي نصره هو وأكثر أصحابه)) .اهـ  (4) 

أخي المحب

طريق مخالفة الجهمية والمعتزلة في الظاهر ومشابهتهم في الباطن طريق مسلوك بقوة عند الأشعرية كما مضى في المقالات السابقة وفي المقالات القادمة إن شاء الله تعالى 

ولعظم تلك المشابهة قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي عنهم : ثقلت عليهم الوحشةأي على الجهمية الأوائل- ، وطالت عليهم الذلة، وأعيتهم الحيلة؛ إلا أن يظهروا الخلاف لأوليهم والرد عليهم، ويصبغوا كلامهم صبغاً يكون ألوح للأفهام، وأنجع في العوام من أساس أوليهم؛ ليجدوا بذلك المساغ، ويتخلصوا من خزي الشناعة.
فجاءت بمخاريق تراءا للغبي بغير ما في الحشايا، ينظر الناظر الفهم في جذرها ؛ فيرى مخ الفلسفة بكساء لحاء السنة ، وعقد الجهمية بنحل ألقاب الحكمة .اهـ (5) 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نهاية الإقدام 165
(2) مجموع الفتاوى (7/145)
(3) مجموع الفتاوى (7/398) 
(4) مجموع الفتاوى (7/195) 
(5) ذم الكلام 608

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتممته ولله الحمد يوم الثلاثاء 
29 محرم 1438
بعد صلاة الظهر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق